الفصل الثاني عشر (1) : لعبة بشروطه !
لم يكن عليه الاستسلام لخطط ذلك الساف*ل عديم الرج*ولة و الإنفعال على حبيبته هكذا ، خاصة وانه يعلم تماما ما يطمح له ، و أن زوجته لن ترتكب الأخطاء بقصدها فهي لا تدرك نوايا الشخص الخبي*ثة المختبئة خلف قناع الود و الشهامة المرسومة أمامها ، زوجته رقيقة حساسة تتعامل بعفوية ناتجة عن طيبتها وعن سذاجتها احيانا تحسن الظن بالآخرين تصدقهم بسرعة و "تنكسر" بسرعة ، و هذا ما غفل عنه منذ ساعات عندما غرق في موج غيرته و انفجر بها غير آبه لتبريراتها و دموعها ، يا الله مالذي فعله كيف اصبح سريع الغض*ب بعدما كان يثير إستفزاز الآخرين بهدوء اعصابه ، لكن هذا ليس ذنبه فمنذ دخلت تلك الصغيرة قلبه تملكته ف إمتلكها ! بمجرد أن يتعلق اي موضوع بها يصبح على أهبة الاستعداد للإنفجار في وجه أي كان ، حتى هي !
زفر ومسح وجهه بخنق هامسا :
- انا جرحتها.... بسبب ال*** ده خليتها تعيط اووف اووف.
سمع آذان الفجر يصدح من المسجد القريب منهم فأغمض عيناه منتشيا بصوته و دعوة عباد الله لإقامة الصلاة ثم بدأ يردد الآذان خلفه حتى انتهى ، نهض متجها الى الجامع و في طريقه التقى بجده سليم فتابعا معا ، و بعد وقت كان ادم يدخل الى غرفتهما التي كانت في يوم من الأيام غرفته الخاصة الممنوع دخولها احد غير والديه.... لف انظاره في المكان ليجد يارا في الزاوية نائمة على سجادة الصلاة بأسدالها و تحتضن المصحف الشريف و من الإحمرار الذي كان أسفل عينيها علم انها قد بكت كثيرا.
تنهد بندم و حملها بين ذراعيه نزع أسدالها بهدوء وبطئ لكي لا يوقظها ثم استلقى بجانبها و احتضنها سامحا لجفنيه بالإنغلاق بعد ارهاقه الشديد.....
** في اليوم التالي.
استيقظ ادم و نظر أمامه فلم يجد يارا ، نظر الى ساعة هاتفه بسرعة و زفر بضيق :
- الساعة 11 الصبح الوقت بيعدي بسرعة هنا ازاي.
تثاءب بكسل و طلب احد الأرقام ليبتسم بعد سماع صوت الطرف الآخر الهاتف بغيظ :
- المستبد اللي عايز كسر رقبته بعتني لشرم ولما رجعت ملقتكش بقى كده يا ادم بتغفلني و تنزل البلد من غيري و مبتردش على اتصالاتي !
همهم ببرود قائلا :
- بطل نحنحة الحريم ديه و اجمد شويا و قولي انت خلصت الشغل ولا ايه.
- عيب عليك انت عارف ان مفيش صفقة بتعدي من تحت ايدي يالا و بالمناسبة عندي ليك اخبار حلوة.
- ايه هي ؟
تنهد مازن بسعادة مجيبا :
- انا قلت لرتاج اني بحبها و امبارح روحت لبيتهم و اتفقت مع اخوها على ميعاد مناسب عشان اجيب اهلي و اتقدملها رسمي.... انت بتعرف اخوها بيبقى مين يا ادم ؟ ده نفسه مروان الشناوي اللي كنا انا ووياه صحاب قبل ما اسافر ع امريكا و رتاج هي نفسها البنوتة اللي كنت بشوفها بتلعب ب الطين.
- ازاي يعني هي طلعت بتعرفك من زمان وانت مفتكرتهاش ؟ يا اخي ارحم نفسك من غباءك ده.
مازن بضيق :
- ادم بتقدر تقولي مبروك على الخطوبة بدل ما تشتمني كده ! المهم انت هترجع امتى انا لازم اعرفك على مروان هو ضابط وكده هتتفقو مع بعض هههه.
ابتسم ادم و اردف :
- لعلمك بقى انا بعرف الضابط مروان الشناوي و بتعامل معاه بخصوص قضية من يجي 3 شهور او اكتر.
رفع حاجباه بغباء :
- افندم انت بتعرفه منين و انهي قضية بتتكلم عليها ديه ، ده حتى قصة عمك و ابنه معداش عليها شهر يا اخي.
صمت قليلا يتأكد من عدم وجود احد يتنصت عليه ثم غمغم بجدية :
- ديه قضية سرية بيحقق فيها وانا مكنتش عايز حد يعرف بيها و دلوقتي انت بس اللي هحكيلك ، بص انا بقالي فترة طويلة شاكك ف ان حاد*ث عمي احمد ربنا يرحمه و الحاد*ث بتاعي مدبرين.
رمش مازن عدة مرات دون فهم :
- ااا ازاي انا مش فاهم يعني عمي احمد اللي هو عمك و ابو مراتك مات مقت*ول ؟ و حاولو يقت*لوك انت كمان ؟ ادم انت عارف نفسك بتقول ايه ؟؟
زفر بعمق معلقا :
- بعد الحادث اللي انا عملته سألت على الراجل اللي كان فعربية النقل و خبط فعربيتي و قالولي انه ات*صاب اصابات خفيفة رغم انه لازم تكون حالته اسوء من حالتي ساعتها لان الحادث كان فضيع مستحيل بشر ميتضرر*ش وبعدها الراجل ده اختفى ساعتها بدأت اشك بس مرضيتش اقول لحد.... وراها بفترة قصيرة قررت اخد عربية عمي احمد اصلحها و واحد صاحبي وهو وبيشوفها قالي ان في خيوط مش معدولة كأن حد قاصد يبوظها.
- ايه ده بجد !
قالها مازن بصدمة فتابع الآخر :
- انا في اللحظة اياها بدأت اربط بين الحادث بتاعي و الحاد*ث بتاع عمي احمد و ازاي اتعرضناله بنفس الطريقة و قررت اعمل محضر سري و اتواصلت مع الضابط مروان و طلبت منه ومن الجهات العليا يحققو تحقيق سري يعني محدش من العيلة يعرف.... و بس كده.
هز رفيقه رأسه بعدم تصديق و تمتم :
- انا مش مستوعب اللي بسمعه والله.... طيب و قدرتو توصلو لحاجة ؟ بمعنى تاني انت شاكك في حد معين ؟
سأله بترقب فرد عليه ادم وقد اظلمت عيناه :
- ايوة انا شاكك بس مش هقول قبل ما نتأكد البوليس لسه ملقاش الراجل صاحب عربية النقل لما يلاقيه هنعرف كل حاجة ، مازن انا مش عايز جنس مخلوق يعرف بالكلام اللي قولتهولك ده ولما ارجع هبقى اكلمك ف التفاصيل يلا سلام.
اغلق الخط وبقي يطالعه محدثا نفسه :
- و لسه حادث محمد مجدي دخلناه في القضية هو كمان.... مع ان صعب عليا اتقبل الكلام ده بس احتمال كبير علي و عمر يبقو المسؤولين عن موت عمي احمد وكله عشان الفلوس !!
بلل شفتيه ثم دخل الى الحمام اغتسل سريعا و ارتدى ملابسه بنطال جينز اسود يعلوه قميص نبيتي و انتعل حذاء ابيض رياضي ، صفف شعره بعناية وهو يبتسم بخبث لأنه يعلم ما سيحدث بعد قليل.
*** في الأسفل.
تجلس يارا في صالة الاستقبال بجانب جدتها و عمتها مديحة و عيناها محاطتان بهالة من الحزن ، ادم لم يدخل الى الغرفة ليلة البارحة ظل في مكتبه وهي تبكي على فراشها حتى بعدما صلت انتظرته كثيرا رغم غض*بها منه ولم يأتي ، و في الصباح استيقظت لتجده نائما بعمق وكأنه لم يفعل شيئا بعد !!
هو لم يتغير ، لم يتخلى عن جفائه و بروده ، لم يتخلى عن كبريائه العقيم و قس*وته ، عندما يريد يأتي ويعاملها بلطف حتى يأخذ ما يريده و عندما ينتهي منها يحزنها و يكسرها و يتركها مرمية هكذا ، هل هذا هو حبه الذي كان يتحدث عنه ، هل ذلها و اهانتها يعتبران حبا !!
افاقت من شرودها على يد جدتها التي حطت على وجنتها بحنان :
- حفيدتي الجمر تفكيرها مشغول ف ايه ؟ بجالي ساعة بكلمك وانتي ولا هنا.
ردت سريعا معتذرة :
- اسفة يا تيتا انا بس تعبانة شويا ومش مركزة حضرتك كنتي بتقولي ايه ؟
ابتسمت وردت عليها بهدوء :
- كنت بجولك كويس اننا روحنا الصبح للمقبرة نزور ابوكي و امك.
دمعت عينا يارا و احساس الفقدان يحرق روحها :
- اه والله كويس وحشوني اوي يا تيتا من زمان لما... لما ماما كانت بتوحشني بروح استخبى فحضن بابا بس دلوقتي حتى هو مش موجود انا بقيت لوحدي مليش غير المس تراب القبر و ادعيلهم بالرحمة.
نزلت دموعها و بدأت بالبكاء ف احتضنتها زهرة بمواساة وهي اكثر من تحتاجها فهي فقدت اثنين من الأبناء و كبدها انحرق مرتين :
- اني وياكي يا بنتي كلنا وياكي جدك و أعمامك و مرات عمك و جوزك ادم كلنا بنحبك و نحب نشوفك فرحانة.
حانت منها نظرة وجهتها لأعلى بتلقائية لتجد ادم يقف و يطل عليها من شرفة الطابق الثاني.... اشاحت وجهها بسرعة و همهمت وهي تمسح دموعها :
- الله يخليكم ليا يا تيتا و يديمكو في حياتي.
بمجرد انهاء كلامها سمعت صوت صراخ غاضب بإسم زوجها انتفضت بخضة و هبت واقفة هي و زهرة و مديحة ثم اتجهت الى عمها تسأله بهلع :
- في ايه يا عمي ؟؟
بدت عليه العصبية الشديدة وهو يصرخ عليها :
- جوزك فين ؟؟
عقدت حاجبيها باستغراب و تمتمت :
- حضرتك بتسأل....
قاطعها بصراخ اشد :
- جووزك فيين !!
صدع صوته الخشن من بعيد :
- انا هنا مفيش داعي للزعيق ده.
اقترب منه ادم وقد احتدت عيناه بسخط على عمه و ابنه :
- صوتك ميعلاش تاني على مراتي انا هنا قدامك قول انت عايز ايه خير.
علي بحنق سأله وكأنه يتهمه :
- انت كيف بتلغي الوكالة اللي عملهالي ابوك اتجننت اياك كيف جدرت تلغيها !!
ابتسم ببرود هاتفا :
- اهااا انت متنرفز بسبب الموضوع ده ، انا فكرت في حاجة خطيرة قلقتني ع الفاضي يا عمي..... يا سيدي انا اتصلت امبارح ب ابويا و طلبت منه ينقل رئاسة ادارة الفرع اللي في الصعيد ليا انا وهو وافق وانا بقى اول ما اتوليت الرئاسة لغيت وكالة حضرتك انت و ابنك و نقلتهم ليا لأني طماع بصراحة و مبرضاش بالقليل..... البحر بيحب الزيادة و الانسان بطبيعته مبيشبعش.
- ااادم !!
كان هذا صوت الجد سليم الغاضب تقدم منه و هدر بخشونة :
- انت كيف بتتصرف من دماغك اكده و مترجعليش نسيت ان جدك و الأملاك و المناصب اللي بتتخانجو عليها ديه كلها ملكي !
رد عليه ادم بنبرة هادئة تحمل الصرامة :
- اعذرني يا جدي بس الفرع اللي هنا كله بتاع ابويا هو نقل الاسهم ليا برضاه و ده حقي انا مش بتخانق عليه ، حضرتك شوف مين اللي بيزعق و يشخط.
تورت يارا و تدخلت لتهدئ الوضع :
- جدو و عمو ممكن تهدو بس شويا اا...
قاطعها عمر بفضاضة وهو يرفع يده في وجهها كعلامة على التهديد :
- اسكتي يا وليه احنا معندناش حريم تدخل في كلام الرجالة.
فجأة وجد عمر نفسه يتأوه بألم عندما امسك ادم يده المرفوعة و ضغط عليها بقسوة هامسا :
- ايدك ديه لو اترفعت تاني بكسرها مش ادم الشافعي اللي واحد زيك يكلم مراته كده اوعى تغلط !
دفعه للخلف قاصدا اهانته و الإطاحة بقدره قبل ان يلتفت لعلي الذي قال :
- طيب الوكالة انتجلت ليك تجدر تفهمني لغيت مشروع دار الأيتام ليه الطمع عمى عينيك و جلبك للدرجة ديه ؟!
شهقت يارا بصدمة و تمتمت :
- ادم انت لغيت المشروع ..... اللي كان بابا بيخططله من وقت طويل قبل ما يموت ؟!!
سليم بحزم :
- الكلام ده صوح يا ادم ؟
أجابه عمر بغيظ :
- حفيدك المفضل سحب الفلوس اللي خدناها مشان المشروع ، الفلوس اللي هي من حجنا و حج بت عمي يارا بجت تحت تصرفه و لغى كل المشاريع اللي مضينا عليها ف اخر سنتين خدع عمي ابراهيم الطيب و خلاه مسؤول عن الفرع اللي هنا.... بني ادم طماع.
ساد الصمت لثوان قبل ان تقترب مديحة وتهمس ليارا بخبث :
- والله حلال على جوزك سيطر على فلوس العيلة وانتي كيف الغبية عملتيله وكالة يتصرف بفلوسك ابجي جابليني لو مرماكيش و اتجوز عليكي بعد ما يخلص غرضه منيكي.
استدار ادم ليارا ينظر اليها ، لم يهتم بإتهامات هذان الإثنان ولا بنظرات جده و جدته ، فقط طالعها يترقب رد فعلها لو اتهمه العالم و صدقته هي سيكفيه ، لا يريد رؤية نظرات الشك في عينيها مثلما رأته هي في عينيه ، اذا كانت يارا سامحته عن شكه بها ف ادم لن يستطيع تحمل ذلك الألم !
رفعت يارا رأسه ف اصطدمت بنظراته المترقبة والمترجية ، رمقته بعتاب ثم هتفت بصوت عال :
- لو سمحتو بطلو تتهمو ادم من غير دليل انا متأكدة انه لغى المشروع بسبب مقنع لاني اكتر واحدة بعرف قد ايه جوزي مهتم بتحقيق حلمي وحلم بابا .... اصلا هو مش لازم يبرر ادم دايما بيعمل الخطوة بحساب.
تنهد ادم بثقل وكأنه ازاح صخرة عن قلبه ليلتفت الى جده مغمغما :
- المشروع اللي بيتكلمو عليه انا لغيته و مضيت على مشروع اكبر منه يعني بدل التصميم الصغير انا خططت للأكبر و خصصت ميزانية اضخم بكتير ، و بالوكالة اللي عملتهالي يارا قررت إبني جامع بجزء من فلوس عمي الله يرحمه.... هو ده اللي انا عملته.
رمقته الأخيرة بدهشة تحولت الى حب و إمتنان ولولا غض*بها منه و خجلها كانت ستركض و تحضنه الآن ، ابتسمت داخلها لأن النزاع سينتهي لكنها اختفت بسرعة عندما سمعت ادم يردد :
- اما المشاريع اللي لغيتها ، ف انا ملغيتهاش بسبب قوي يعني مزاجي قالي بما اني بقيت رئيس الادارة هنا من حقي اعمل اللي بعوزه و الصراحة مشاريعكم ضعيفة مناسبتش زوقي قمت خفيتها من الوجود.
اندفع اليه علي و أمسكه من ياقة قميصه هامسا بحقد :
- حسابك كبر جوي يا ولد خوي اجسم بربي حتندم على وجفتك جصادي.
توقع الجميع انفعال ادم و غضبه بسبب تصرف عمه معه لكن على العكس تماما اظهر ابتسامته الباردة مكتفيا بنظرات استفزت الاخر اكثر..... حسنا لقد بدأت اللعبة الآن و ستستمر بشروطه فقط لا غيره ادم ترك المحت*الان يلهوان براحة وكان في كل مرة يغض النظر لكن الأذى هذه المرة ألحقاه بزوجته التي هي خط أحمر بالنسبة له ولن يغفر لمن يؤ*ذيه بها

تعليقات
إرسال تعليق