بعد تأدية صلاة الفجر في المسجد مع ابن عمه الذي بدأ يلتزم بفروضه الدينية إفترقا على وعد باللقاء قريبا لمعرفة آخر مستجدات القضية و هاهو تدم الآن يستيقظ من غفوته القصيرة و يجد يارا مازالت نائمة ، تأوه بخفوت و نهض ينزل الى غرفة مكتبه ليتابع أعماله حتى رن جرس الباب.
فتحه و سأل باستغراب :
- بابا الوقت لسه بدري ايه اللي جابك حضرتك كويس إمي ....
قاطعه ابراهيم بوجوم :
- في ايه يا ادم هو انا لازم استأذن عشان اجي اشوف إبني ؟
تنحنح ادم و أجابه وهو يطالع الملف الذي بيده :
- لا طبعا استغفر الله انا بس قلقت لأن الساعة لسه 8 اتفضل.
دلفا الى المكتب ووضع ابراهيم الأوراق متحدثا بجدية :
- كنت جاي اكلمك بخصوص الشغل ... انا نويت انقل أسهمي ليك انت و اختك وبعد ما توقع على الورق ده هتبقى صاحب اكبر نسبة من الأسهم في الشركة.
نظر له بدهشة قائلا :
- تنقلي الأسهم ليه يا بابا انا من الاول صاحب اكبر نسبة ممكن تفهمني سبب قرارك ده ؟
- يا ابني انا طول عمري واقف على راس الشركة اشتغلت و تعبت كتير عليها و دلوقتي جه الوقت عشان ارتاح ومتأكد زي مانا شايفك قدامي انك هتحقق ضعف اللي انا حققته و تنجح نجاح مبهر ب اذن الله ... انا بثق فيك يا ادم و مؤمن بقدراتك و ذكاءك كفاية انك السبب في توسيع الشغل و نجاح مشاريع كبيرة مش هخاف على تعبي طول مانا مأمنه عليك.
تأثر ادم و ابتسم بخفة :
- الصراحة انا مستغرب من كلام حضرتك لأني اتوقعتك هتنقل الاسهم لعل... لعمي علي عشان مركزه يكبر.
ظهر العتاب على وجه ابراهيم و أردف :
- عمك علي اخويا بس انت ابني و بثق فيك اكتر من ثقتي فنفسي و عندي استعداد اسلمك حياتي وانا مطمن ، صحيح إني اتخانقت معاك كتير عشان علي لدرجة افتكرتني بحبه اكتر منك بس الحقيقة يا ادم اني بفضلك على كل الناس ومهما اراءنا اتعارضت الثقة و المحبة مش هيزولو.
انبسطت قسمات وجه ادم برضا و انحنى عليه يقبل جبينه :
- ربنا يخليك ليا و اكون قد ثقتك.
ابتسم له و فجأة تجهم و عقد حاجباه بتحفظ :
- ايه الريحة اللي طالعة منك ديه انت شربت سجاير يا ادم ؟ مش كنت بطلت العادة ديه من زمان ايه اللي رجعك ليها ليه عملت كده ؟
تشنج وجهه و عاد فكه ينقبض ميجيب بنبرة متشنجة :
- بابا لو سمحت انا مش صغير عشان حضرتك تستجوبني كده ديه سجارة واحدة القصة مش مستاهلة.
- لا الواضح انها سجارة واحدة.
علق عليه والده ساخرا ثم أخذ نفسا عميقا و تحدث بتريث :
- ابني انا عارف ان مادام وصلت لمرحلة ترجع لعادة بطلتها يبقى اكيد انت مدايق من حاجة و حاسس انك مش هتحلها بس اللي مش عارفه ايه السبب ده ايه اللي بيخليك طول الوقت شارد ومش مركز و عدائي مع اللي حواليك فهمني يا ادم عشان اقدر اساعدك ، لو على مراتك فهي انتكست مرة و خفت الحمد لله و بقت كويسة.
صمت قليلا و استدرك بتوجس :
- يارا خفت صح و معندهاش حاجة تقلق اوعى تكون لسه تعبانة وانت مخبي عليا !!
استدار ادم له و طالعه قليلا قبل ان يقول :
- يارا كويسة ومحدش مخبي عن حد حاجة .... انا مضغوط ف اخر فترة بسبب الشركة و المشاريع اللي وقعنا عليها.
- و بخصوص العملاء الأتراك اتفقتو مع بعض ولا لسه ؟
حرك رأسه بآلية :
- مستني التقارير اللي هيعملها مازن بخصوصهم بما انه هو المدير التنفيذي للشركة ولما يخلص هنشوف اذا قدرنا نتفاهم و نوقع على العقد ولا لأ.
بعد حديث قصير حول العمل وقع ادم على الاوراق التي تنقل نصف أسهم ابيه اليه و النصف الآخر الى رهف و عندما انتهى تمتم بهدوء :
- خليك قاعد هنا كمان شويا و اهو نفطر سوا.
ربت عليه ابراهيم ضاحكا :
- انا سايب امك تعمله عشان نفطر انا ووياها كان نفسي اعزمك بس معلش بحب انفرد بمراتي.
ابتسم ادم عليه و قبل مغادرة والده التف يكلمه :
- انا هقدم الورق للمحامي عشان يخلص باقي الاجراءات و انت ارتاح شويا من الشغل و اه ياريت مشمش ريحة السجاير ديه تاني.
كان يقصد انه لا يود عودته لإدمان عادة التدخين لكن ادم رفع حاجباه بمكابرة و تمتم ببرود :
- حاضر يا بابا هبقى استحمى بعد كل سجارة عشان متوصلكش ريحتها .... بهزر متبصليش كده.
بعد دقائق كان ادم يجلس على الأريكة يزفر في إرهاق ، عضلات جسده متشنجة و تفكيره مشغول في آخر محادثة بينه وبين ادهم عندما قال بأنه سيخبر يارا بكل الحقائق فأجابه الآخر بأن يتريث ولا يتسرع و يفسد كل شيء معرفة زوجته بحقيقة عمها و ابنه تعني معرفة العائلة كلها و افساد عمل المباحث و الخطة التي يجرونها منذ أيام طويلة ... يارا لن تصدق و بكل غباء ستسأل علي ان كان هذا الكلام صحيحا .... و بالتأكيد عمها العزيز لن يجلس مثل مسكين قليل الحيلة بل سيسعى ل انقاذ نفسه و انتشالها من الخطر و في طريقه الى ذلك سيدوس على من يقف أمامه و لن يتوانى عن أذيتهم جميعا.
تأفف بخنق و فتح اول زرين هامسا :
- مبقتش مستحمل الصورة اللي يارا رسماها ل **** حبها لعمها بيخ*نقني وانا مش تقدر اسكت بعد ما عرفت قد ايه علي أذاها و أذا*نا كلنا.
مرت عليه ساعة دون ان يتحرك حتى انتصب واقفا و صعد الى غرفته ليسمع صوت ضحكات يارا وهي تكلم أحدهم على الهاتف ، ورغم اشتياقه الكبير لضحكاتها الجميلة الا انه تساءل عن هوية المتصل في هذا الوقت.
فتح الباب و دخل وسرعان ما جز على اسنانه عندما علم انها تحادث عمها علي و يبدو ان مزاجها اصبح معتدلا عكس حالتها ليلة أمس.
رفعت يارا رأسها و ابتسمت عندما رأته يقف امامها فقالت :
- طيب يا عمو انا هقفل دلوقتي عشان انزل احضر الفطار سلملي على تيتا و جدو و خلي بالك على نفسك و شكرا لأنك بتتصل تطمن عليا .... مع السلامة.
اغلقت الخط و رددت ببساطة :
- عمو علي بيسلم عليك يا ادم.
لم يجبها و جلس أمامها بوجوم يحدث نفسه " هذا هو الوقت المناسب لإخبارها " ، لكن بدلا عن ذلك غمغم بجفاء :
- اتصل ليه ؟
- عشان يطمن على صحتي ده كل يوم بيرن عليا و يسأل عن احوالي ... تعرف حاجة انا احيانا بحس نفسي بنته مش بنت أخوه لأنه بيهتم بيا كتير و بيحبني.
تأ*لم قلبه لكلامها و التزم الصمت بينما تابعت هي :
- يعني رغم المشا*كل اللي حصلت بينه وبين بابا زمان و بينه و بينك بس عمره ما ربطها بيا و حبه قل بالعكس مهما حصلي دايما واقف جمبي انا محظوظة لأن عندي عيلة زيكو.
يا الهي كيف سيخبرها الحقيقة بعد كلامها هذا ، كيف يقول لزوجته انها عمها الحبيب هو من قت*ل والدها و يتمها و غير لها أدويتها وجعلها مد*منة و خطط لتفريقا عن زوجها وكل هذا لأجل المال ، كيف يستطيع إطفاء لمعة الحب و الإمتنان بعينيها و افسا*د ضحكتها التي غابت عنه طويلا لن يقدر هو قوي نعم ولم يتردد يوما في إخبار الحقائق مهما كانت قسو*تها لكن ابتسامة يارا تجعله يتراجع .... ربما عليه الاحتفاظ بهذا السر لنفسه و سينكشف في يوم من الأيام بعد الزج به في الس*جن لن يدع غض*به يتحكم به و يجعله يف*سد ما يسعى اليه هو والشر*طة.
وعند هذه النقطة تشنج وجه ادم دم بحدة أجفلتها :
- اوعى تكوني حكيتيله عن سبب تعبك و انك بتتعالجي دلوقتي !!
استغربت رد فعله هذا لكنها ردت على اي حال :
- لا محكيتش لحد زي ما نبهتني هقول ايه اصلا وانت لسه مفهمتنيش قصة الحبوب المهلو*سة ديه و ليه استهدفوني انا بالذات و ليه احنا لسه مخبيين الحقيقة ديه على العيلة !
اغمض عيناه و دلك رأسه بخفة مهمهما :
- قولتلك الناس المنافسة ليا حبت تنت*قم مني و يشغلوني عشان كده أ*ءو اقرب واحد ليا واللي هي انتي .... مراتي و ام بنتي ، وبالنسبة لسؤالك التاني ف اتمنى احتفظ بالحقيقة ديه لنفسي وهبقى احكيلك عن كل حاجة ف الوقت المناسب بس اوعى حد يعرف فاهماني يا يارا !
بدى وجهه صار*ما و محذ*را بشكل لن تتجرأ على معارضته في اي شيء بالتأكيد و رغم حنقها و فضولها القوي لمعرفة ما يخفيه الا انها ردت بمضض :
- ماشي يا ادم حاضر ..... بس ايه الريحة ديه.
انكمشت ملامحها وهي تتفحصه حتى شهقت مندهشة :
- ديه ريحة دخان اللي طالعة منك .... انت قضيت الليلة بتشرب سجاير ؟
تأفف ادم بضجر و غضب :
- هو كل حد يشوفني يسمعني الكلمتين دول ما خلاص بقى متعملوش منها قصة انا مش ولد صغير عشان تستجوبيني انا الراجل و بعمل اللي عايزه و محدش ليه عندي حاجة.
فغرت فاها بتعجب و اندفعت تهاجمه :
- لا والله محدش ليه عندك حاجة يا سلام مين اللي قال الكلام ده !
- انا اللي قولته و اظن ده كفاية.
رد عليها ببرود و عندما لاحظ إحتقان وجهها هدأ قليلا و هتف بلين :
- ديه كانت سجارة واحدة و مش هتتكرر لاني طبعا مش هحب ا*ؤذيكي و ا*ؤذي بنتي بالدخان.
قرص وجنتها لتنفخ يارا بحزن :
- انت شربت السجاير ديه بسببي ... اللي عملته امبارح دايقك و خلاك تطلع غضبك ف التدخين كله بسببي اسفة.
أمالت برأسها على كتفه فرفع يده و ملس على شعرها بحنان :
- فداكي.
اسدلت جفونها بندم و خز*ي رغم ان لا دخل لها بمرضها لكن ضميرها يؤنبها بشكل مر*وع عندما ترى إرهاقه و تعبه وكله بسببها ..... تنهدت بحر*قة و فجأة مرغت انفها في كتفه لتسمع ادم يضحك على تصرفاتها :
- انتي بتعملي ايه ؟
ردت عليه بإنتشاء :
- ريحة السجاير مع ريحة البرڤيوم جننتني اااه كنت بشمها فيك من زمان قبل ما نتجوز و زعلت وقتها لما بطلت تدخن.
رفع حاجبه باستنكار و قال :
- يا سلام تحبي اد*من عليها تاني ؟
انتفضت و سارعت تجيب :
- لالا عشان خاطري .... انا بحب الريحة ديه بس بحبك اكتر مش عايزة ترجعله لو سمحت.
اتسع ثغره مبتسما فقبل جبينها ببطئ مدروس و همس بصوته الرجولي المتهدج :
- انتي كويسة ؟
تأوهت بخفوت مرددة :
- كويسة طول ما انت معايا ... وحشتني اوي.
تشنج جسد ادم بتأثر من قربها و ابتلع ريقه بصعوبة هاتفا :
- انا ... لازم اروح المكتب وانتي ارتاحي عشان متتعبيش و...
قاطعته يارا بلوعة وهي تمرر يدها على ذقنه :
- متبعدش عني انا برتاح معاك انت بس ... انا بحبك.
انتشت روحه بهمستها التي كادت تحط على شفتيه من شدة قربها و تحفزت حواسه متأثرة بأفعالها التي رغم بساطتها الا انها تغر*يه بدرجة كبيرة ، رفع ادم يده و مررها على وجنته هاتفا بشجن :
- يارا متعمليش كده انا عايز قربك اكتر منك بس مش عايز تتأ*ذي ولو فضلتي تقولي الكلام ده مش هسيطر على نفسي.
توردت وجنتيها بخجل و اجابت :
- انا سألت الدكتورة اللي متابعة معاها لما روحنالها من يومين ... و قالتلي يعني ... ممم مفيش مشكلة لو ... لو قربنا مم من بعض قصدي ...
ابتلعت باقي كلماتها و كم ندمت لأنها طلبت القرب منه هي مشتاقة له نعم وتعلم ان زوجها رغبته بها ضعف خاصتها لكنها لا تريد ان تتعرض للإحراج لو رفضها بحجة المرض ، و سرعان ما فاجأها ادم عندما وجدته يزيح طرف ثوبها و يطبع قبلته على كتفها العاري بتأن ثم احتجزها بين ذراعيه و تكلم بنبرة عابثة :
- مكنتش اعرف اني وحشتك للدرجة ديه عجبتني جر*أتك ابقي اطلبيني على طول بقى.
- ادم !
همست يارا محتجة وقد اخفضت عينيها عن مرمى عينيه ف انحنى عليها و قبل ثغرها هامسا :
- قلب ادم ... روح ادم ...
طالعت حدقتيه الحادتان بحب و استغربت عندما لاحظت وجود الحزن و الغضب بداخلهما يغطيهما الر*غبة التي تراها به منذ ايام طويلة ، عقدت حاجبيها بحيرة و كادت تسأله عن السبب لكنه اوقفها وهو يميلها على الفراش و يميل فوقها مقبلا كل انش من وجهها و عنقها ثم غلغل اصابع يده بأصابعها و تأ*وه بحر*ارة :
- بحبك.
أوصدت جفونها براحة و اردفت :
- وانا بموت فيك ....
_________________________
مساء اليوم التالي.
في شقة الضابط مروان.
انتهت تجيهزات الخطوبة و هاهي تقي تقف امام المرآة تطالع هيأتها المزينة من الخارج و المجروحة من الداخل ، قد ارتدت فستان اسو*د حدادا على حبها الخاسر و طرحة بيضاء تلائم بشرتها و الدمو*ع تهطل من عينيها الملونتين كحال عيون كل العائلة ، شهقت ببكا*ء و همست لنفسها :
- انتي بتعملي ايه ؟ و ليه و عشان مين التصرفات ديه انتي أصريتي تكملي الخطوبة المزيفة ديه وانتي اصلا متجوزة في ايه مالك يا تقي عايزة تفض*حي اهلك للمرة التانية و تخلي الناس تتكلم عليهم و كله علشان آسر اللي مبيستاهلش د*معة منك ؟ آسر اللي اتخلى عنك للمرة المليون انتي لسه محرمتيش من الخيانة هلاص بقى ارمي الحب ده من قلبك اخلصي من لعن*ته انا مبقتش قادرة استحمل والله العظيم مش قادرة !
كفكفت دموعها بسرعة و حدثت نفسها :
- انا لازم انهي المسخرة اللي بتحصل ديه لازم اقول الحقيقة قبل ما الناس تجي و تبقى فض*يحة.
خرجت من الغرفة لتقابل والدتها متجهمة الوجه :
- رايحة على فين ؟
تقي :
- رايحة ادور على ابيه مروان هو فين عايزة اكلمه بخصوص موضوع مهم.
استنكرت عزة لهفتها و قالت :
- ليه عايزاه يباركلك لانك هتتخطبي لواحد بلط*جي و متجوز اتنين قبلك وانتي الزوجة التالتة ؟ عمتا اخوكي قاعد مع مازن خطيب اختك مش هتقدري تشوفيه دلوقتي.
كادت تتكلم لكن أمها قاطعتها :
- ادخلي جوا و جهزي نفسك اللي اسمه سليم و أمه و زوجاته هيجم بعد شويا يلبسوكي الدبلة اللي قاتلة نفسك عليها و بعد الساعة ديه مبقاش ينفع تتراجعي عن خطوبتك.
جفلت تقي مصدومة و تلعثمت :
- اا .... ماما انا عايزة اعترفلك بحاجة مهمة هو ....
قطعت كلامها عندما سمعت صوت ضجة عالية كأن هناك مشا*جرة تحدث و استطاعت تقي تمييز صوت أخيها و صوت اخر شخص توقعت وجوده في هذه اللحظة .... آسر !!
قبل ساعة ونصف.
كانت رتاج في غرفتها تمشط شعرها حتى سمعت طرق الباب اعتقدت انها تقي او مروان فقالت :
- اتفضل.
- بسم الله ماشاء الله.
انتفضت بهلع و استدارت لتصيح بدهشة :
- مازن ! انت بتعمل ايه هنا دخلت ازاي ؟!
طالعها مازن بانبهار ولشعرها الطويل ناعم ولونه مائل للاحمرار مع عيونها الخضراء وبشرتها البيضاء الصافية و فستانها النبيتي الداكن كانت آية من الجمال وخاصة بعد رؤية شعرها ولونه الغريب هذه اول مرة يراها بدون حجاب بالرغم من انه كتب كتابه عليها منذ مدة ، اقترب منها ببطئ فبلعت ريقها بصعوبة و هتفت :
- لو سمحت اطلع برا قبل ما يشوفك حد هنا و تحصل مشكلة.
امسك يدها وقبلها ببطئ ورقة شديدة هاتفا :
- انا هربت من اخوكي و قولتله رايح الحمام عشان اجي اشوفك بس متوقعتش الاقي القمر قاعد هنا.
انسلتت منه بارتباك وهي تنظر خلفه خشية دخول احدهم :
- لو سمحت اطلع برا قبل ما ....
قاطعها وهو يمسك خصلة منها و ادارها حول اصبعه هاتفا :
- شعرك بيجنن اخر مرة شوفته فيها كنتي لسه صغيرة و كان قصير و لونه احمر بس دلوقتي طول وبقى بني مايل للأحمر.
ابتسمت رتاج بوله :
- لسه فاكر شكلي وانا صغيرة ؟
هز رأسه بإيجاب وقبل ان يتكلم رن هاتفه وكان زياد من يتصل به فقال :
- انا همشي دلوقتي بس هرجع تاني ممكن تلاقيني بنط من شباك اوضتك و ادخل عليكي الساعة 12 بليل ها.
شهقت بصدمة ليضحك مازن :
- انا بهزر معاكي يا حبيبتي.
انحنى عليها و قبل وجنتها و غادر تاركا اياها تطالع فراغه ببلاهة .... نظر لهاتفه و فتح الخط :
- السلام عليكم دكتور زياد ايه اللي حصل عشان تفتكرني.
- و عليكم السلام يا صاحبي المفروض انت اللي اختفيت الفترة ديه و مبقتش تعبر حد فينا بعدما كتبت الكتاب و معزمتنيش.
ضحك و علق بمزاح :
- هو انا عملت حفلة عشان اعزمك يالا بس لو عايز تقدر تجي النهارده تحضر الخطوبة.
- خطوبة مين ؟
- خطوبة تقي اخت مراتي.
صمت زياد يستوعب ما سمعه ثم ضحك بخفة :
- مازن ياريت تقولي انك بتهزر معايا !
- و اهزر ليه خطوبة البنت النهارده و هتلبس الدبلة شويا كمان ... الو زياد انت سامعني ؟
*** من ناحية اخرى.
اغلق زياد الخط و نهض ينادي زوجته بعجل :
- رهف .... رهف !!
خرجت رهف من المطبخ بفزع :
- ايه في ايه بتناديلي كده ليه في حاجة ؟
وقف امامها و سألها ب إنفعال :
- صاحبتك اللي اسمها تقي بجد هتعمل خطوبتها النهارده ؟
اندهشت من معرفته للأمر و اجابت :
- ايوة بجد بس انت عرفت منين و بتسأل ليه ؟
- ليه مقولتليش و خبيتي عليا !!
صاح في غضب ف احتدت ملامح رهف و قالت :
- و اقولك ليه مش احنا اتفقنا منجيبش سيرة الناس و قولتلي مطلعش اسرار بيتي ولا اتكلم في حاجة متخصنيش ايه غيرت رأيك و بقيت انا الغلطانة ؟؟
تأفف زياد و تمالك نفسه ليقبل جبينها يخبرها :
- مغلطتيش بس ياريتك غلطتي المرة ديه.
ابتعد عنها و طلب رقم أخيه الذي سرعان ما رد :
- الو زياد ازيك عامل ايه ؟
ابتسم بتهكم و اجابه :
- كويس الحمد لله اتصلت اعزمك ع الخطوبة اهو تغير جو شويا.
تمطع آسر و نهض جالسا على فراشه :
- خطوبة مين خطوبتك انت ليه هتتجوز على مراتك ؟
قالها بمزاح و ابتسامة متسعة سرعان ما زالت و حلت الصدمة مكانها عندما سمع جواب الآخر :
- لا يا حيلتها خطوبة مراتك اللي هتتجوز عليك !!
بعد مدة كان آسر يقود سيارته بسرعة جنونية وهو يهمس لنفسه :
- تقي هتتخطب ازاي مش انا قولت ل اخوها اني لسه متجوزها هو مصدقنيش ولا بيلعب معايا ولا ايه.
اخرج هاتفه و طلب رقم مروان لكنه تفاجأ به يغلق الخط فزمجر بعصب*ية مر*يرة و واصل طريقه حتى توقف عند العمارة التي تقطن تقي فيها.
ترجل و ركض يصعد الدرجات ليصل الى الشقة طرق الباب عدة مرات بقوة حتى فتح و ظهر مروان يسأله ببرود :
- في حد يخبط على الباب بالطريقة ديه ؟
في نفس الوقت نزل المدعو سليم و أمه و زوجتيه و عندما رآه جز على اسنانه بغيظ :
- ده عريس الغفلة ؟
سليم بسماجة :
- انت مين يا حيلتها و بتخبط كده ليه احنا معزمناش حد من برا العيلة.
قهقه آسر بر*عونة وقد فقد أعصابه ليمسكه من ياقة قميصه و يصرخ :
- انا جوز الست اللي جاي تلبسها الدبلة يا حيلتها انا آسر الألفي جوز تقي !
انتفضت أم سليم بصدمة و صرخت :
- انت نفسه اللي هربت معاك قليلة الشر*ف من زمان .... سامع يا ولد بيقولو ايه البنت العا*يبة اللي كنت ناوي تتجوزها طلعت مصاحبة اتنين في وقت واحد ويا عالم مين تاني.
نظر لها آسر بحدة و تقدم خطوة مهددا :
- اتلمي يا حرمة و احترمي نفسك اوعى تغلطي في مراتي !
تكلمت احدى الزوجات بلزوجة :
- هي ديه اللي نويت تتجوزها و نجيبها ضرة تالتة و قال ايه هتخدمنا و تخدم أمك اهي طلعت مش مطل*قة و دا*يرة على حل شعرها.
- إخرسي !
صاح بها مروان و طالع سليم محذرا :
- لم مراتك احسن ما....
قاطعه بوقا*حة و قر*ف :
- هتعمل ايه الولية مغلطتش اختك بدل ما تبوس ايدها وش و ظهر عشان قررت استر عليها وعلى نجا*ستها طلعت بتلعب عليا.
تنند آسر و في اللحظة الموالية كان يجثم فوقه يلكمه بعن*ف صارخا :
- نجا*سة مين يا **** لما هي عايبة عايز تتجوزها ليه وانت متجوز اتنين ولا ديه فراغة عين وخلاص مراتي اشرف منك يالا يا ***** يا *****
انتفض الجميع و خرج الجيران يحاولون الفصل بينهما و فجأة وجد آسر نفسه يسحب من أحدهم و يتلقى لكمة عن*يفة جعلت انفه ينز*ف ، تأوه بدهشة و نظر الى مروان :
- انت اتجننت بتضر*بني ليه ؟ انت كنت عارف اني لسه متجوز تقي سايرتها في اللي بتعمله ليه يا ضابط يا محترم !!
في هذه اللحظة التقت عيناه بوجهها المصدوم فزاد غضبه و كاد يقترب منها لكن مروان سحبه الى الداخل و لكمه ثانية و سدد له عدة ضر*بات مو*جعة صائحا :
- انا كان نفسي اديك الضر*ب ده من زمان بس مسكت اعصابي و دلوقتي محدش هينجيك مني.
صرخت تقي بخوف و ركضت نحوهما تحاول الفصل بينهما :
- ابيه مروان خلااااص كفاية ارجوك سيبه مروااان انت هتموته بس بقى !!
عند سماع صوتها رفع رأسه ليجدها تبك*ي بخوف و تحاول ابعاد أخيها عنه ف ابتسم رغم الكدمات التي تغطي وجهه و قفز يسدد لكمة في وجه مروان :
- تقي مراتي انا ومش هسمح لحد ياخدها مني !!
توقف الآخر عن ضربه ووقف ف انحنت تقي على آسر تردد بهلع :
- قوم بسرعة و امشي قبل ما تتأذى أرجوك امشي دلوقتي و متجيش هنا تاني.
التفت لها بأ*لم و تمتم :
- انا مجتش عشان امشي يا تقي ... جيت ارجعك معايا !
نزلت دمو*عها بغزارة و شهقت بحر*قة قلب :
- بعد المدة ديه .... ايه اللي هتقدر تصلحه فهمني !
اغرورقت عيناه بالدمو*ع و حاول الإستناد عليها ليقف ثم فتح باب الشقة ووجد الجيران متجمعين و أعينهم متسعة بفضول ، أخذ نفسا عميقا و أمسك يد تقي متحدثا بصوت عال :
- من زمان انا حبيت تقي و اتجوزتها بس بسبب غبائي خسرتها و اتعذبت في بعدها عني و النهارده انا جاي اقولكم انها لسه مراااتي و قيمتها محطوطة فوق راسي من النهارده اي حد يفكر يتكلم عليها هيلاقيني قدامه ومش هفكر مرتين قبل ما اخل*ص عليه.
طبع قبلة على يدها و همس بتعب :
- عايز اتكلم معاكي.
احتدت عيناها برفض :
- وانا مش عايزة اسمع صوتك كفاية الفض*يحة اللي عملتها.
جاء صوت مروان الجاد من الخلف :
- معاك ساعة يا استاذ لو مقدرتش تقنعها حط في دماغك انك لو طولت السما مش هتقدر تشوفها تاني مفهوم ... ديه آخر فرصة ليك.
اندهشت أخته و طالعته بإستفسار ليبتسم ويرفع حاجبه بمعنى " كنت أعلم بكل شيء " ولم تكد تتكلم حتى وجدت نفسها تمشي خلف آسر الذي يمسك يدها و يسحبها بعزيمة متجاهلا حديث الجيران الجانبي و تساؤلاتهم عن المجنونة التي كادت تعقد خطوبتها وهي متزوجة من رجل آخر !
هدر مروان بصوت جهوري :
- المسرحية خلصت اختي مشيت دلوقتي مع جوزها لو سمعت كلمة غلط عليها مش محتاج اشرحلكو هعمل ايه !
رمقوه بنظرات مستنكرة ساخطة و دخل كل منهم الى شقته فجاءت عزة تصرخ بصبر نافذ :
- انت هتشرحلي كل حاجة قبل ما افقد اعصابي سامع !
رد عليها بتريث :
- حاضر يا أمي ثواني بس.
شمر على ذراعيه و استدار الى سليم مغمغما بتشنج :
- انت بقى كنت ناوي تاخد اختي و تشغلها خدامة عندك لأنها عا*يبة و قليلة شر*ف .... تعالالي يا رو*ح إمك !
___________________________
بعد مرور اسبوع.
في فيلا ادم الشافعي.
تململ في نومه و فتح عيناه بكسل ليجد المكان بجانبه فارغ فإنقبض حاجباه و تساءل ... اين هي ؟
نهض جالسا و خرج من الغرفة ليبتسم عند سماع حركة تصدر من المطبخ و صوتها الناعم يدندن أغنية تركية تعود على سماع شقيقته رهف تغنيها بشغف ، تنهد براحة و تذكر الأيام الماضية اتبعت يارا جلساتها و تحسنت حالتها كثيرا بعد العلاج و بدأت تعود الى سابق عهدها ، حسنا لم تشفى تماما او تتوقف نو*باتها لكن على الأقل لم تعد تتألم مثلما كانت و عادت لها روحها المرحة نوعا ما.
نزل ادم الى الأسفل و رآها تضع العصائر فوق الطاولة ف احتضنها على غفلة منها و قبل وجنتها :
- صباح الخير.
- خضتني يا ادم.
همست خجلة صدرت منها وهي تبتسم له فلحد الآن تشعر بإرتباك و حرج عندما يتصرف بحب معها ، التفتت له و أردفت :
- صباح النور.
ابتسم و قرص وجنتها بخفة :
- مصحتنيش بدري ليه انا عندي اجتماع بعد ساعة ونص.
- كنت هطلع دلوقتي اصحيك والله مش قصدي اخليك تتأخر.
فسرت له يارا مسرعة فردد بخشونة :
- انتي اتوترتي كده ليه اهدي اكيد مش هترفد من شغلي لو اتأخرت ع الشركة بتاعتي.
- مغرور !
قالتها بغيظ منه فرفع حاجبه مستفزا اياها :
- حقي اتغر.
حلس على الكرسي وهي جانبه يتسامران حتى قالت وكأنها استدركت شيئا :
- صحيح انا عايزة استأذنك عشان اخرج النهارده.
همهم ادم باقتضاب :
- تخرجي تروحي على فين ؟
ردت عليه ببساطة :
- اسجل في الجامعة الدراسة هتبدأ بعد اسبوع وانا لسه محطيتش الملف بتاعي.
وضع ادم كأس العصير جانبا و تنحنح بجدية :
- بلاش يا يارا.
تفاجأت منه و رددت :
- ليه بس طيب لو مش عايزني اطلع تقدر انت تسجلني بنفسك.
تأفف بسخط و نظر لها مباشرة :
- انا بقصد انك لازم تلغي السنة ديه و متدرسيهاش أجليها للسنة الجاية احسن.
راقب عيناها تتسع بصدمة فوقفت تهتف :
- انت بتقول ايه سنة ايه اللي الغيها و ازاي و ليه انا بقيت كويسة دلوقتي ومش بتعرض لنوبة قوية لو خايف تحصلي حاجة ف....
قاطعها وقد وقف امامها مغمغما بصرامة :
- خايف عليكي وكمان مش موافق اسيب مراتي تروح الجامعة وبطنها قدامها و جسمها ملفت اساسا انتي لازم تهتمي باللي في بطنك الفترة ديه الدراسة مش هتهرب.
صرخت يارا وقد فقدت هدوؤها :
- افندم منين طلعت القصة ديه دلوقتي مش انت اللي من كام يوم قولتلي الدراسة قربت ولازم تبدأي تذاكري ورفضت انزل البلد مع تيتا و جدو عشان اقدر اروح الجامعة اومال ايه اللي حصل فجأة.
رفع ادم اصبعه في وجهها محذرا :
- وطي صوتك و متعليهوش عليا انا بشرحلك بهدوء و بقولك اولا صحتك مش ممتازة عشان اأمن عليكي وانتي لوحدك و رهف جوزها هيوديها الصبح و يرجعها المسا وانا مبقبلش تركبي معاه و مشغول الفترة ديه ومش هقدر اخدك و ارجعك كل يوم ده اولا .... ثانيا انا مش عايز تلفتي انتباه الشباب اللي معاكي و تهملي نفسك من غير حاجة عملتي اكتر من مصيبة وانتي ف الجامعة ومش عايز اللي حصل زمان يتكرر.
هزت رأسها بعدم استيعاب و قالت :
- ادم انا مش اول ولا آخر واحدة بتدرس وهي حامل انا بقدر اخد بالي من نفسي ومن بنتي بطل تحكيلي الحجج ديه لأنها مش داخلة دماغي و قول الحقيقة انت مش عايزني اكمل دراستي ليه ؟ انت خايف يتكرر موضوع محمد مجدي ؟
- متجيبيش سيرته !
صاح بها برعو*نة أخا*فتها وجعلتها تعود للخلف ليتابع :
- هي كلمة واحدة ومش هكررها تاني مفيش دراسة السنة ديه بعد الولادة مسؤوليتك هتكبر و هتبقي تهتمي ببنتنا اعتقد ده من اولوياتك و لحد ما تكبر ...
قاطعته يارا ساخرة :
- لحد ما تكبر ؟ لسه من شويا كنت بتقول هتابع السنة الجاية ايه رجعت فكلامك وتقعدني في البيت طول العمر ؟
صمت قليلا وهو يتنفس بحدة قبل ان يتحدث بصلابة :
- هبقى مبسوط لو قعدتي في البيت كده كده انتي مش محتاجة شهادة ولا شغل تجيبي منه فلوس بس هنتناقش في الموضوع ده بعدين المهم السنة ديه هتتلغى.
تحرك و صعد الى غرفته يغير ملابسه و قبل مغادرته سمعها تصرخ بعصبية :
- في احلامك يا ادم انا مش هسيبك تتحكم في حياتي و تلغي وجودي انا دلوقتي عرفت انك زي باقي الرجالة اللي روح قلبها تقعد الست في البيت بس مش هسكتلك فاهم !!
لم يلتفت لها و تجاهلها كليا ف التمعت عيناها بدموع منفعلة غير مصدقة انه نفس الشخص الذي كان يغازلها منذ قليل و يعاملها بحنان العالم في الآونة الأخيرة ، جلست على الكرسي بتثاقل مفكرة اذا طاوعته و ألغت سنتها الدراسية سيجعلها تتنازل عنها في السنوات المقبلة لن يدعها تعود ابدا لكنها لن تسمح له بذلك ليست هي من يستطيع التحكم بها و طمس قراراتها و حريتها لن تخضع له مطلقا.
تنفست بقوة وهزت رأسها تعد نفسها بتصميم :
- ماشي يا ادم يا انا يا انت !!

تعليقات
إرسال تعليق