القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية ملك للقاسي 2 الفصل الثالث والعشرون




بعد تأدية صلاة الفجر في المسجد مع ابن عمه الذي بدأ يلتزم بفروضه الدينية إفترقا على وعد باللقاء قريبا لمعرفة آخر مستجدات القضية و هاهو تدم الآن يستيقظ من غفوته القصيرة و يجد يارا مازالت نائمة ، تأوه بخفوت و نهض ينزل الى غرفة مكتبه ليتابع أعماله حتى رن جرس الباب.


فتحه و سأل باستغراب :

- بابا الوقت لسه بدري ايه اللي جابك حضرتك كويس إمي ....


قاطعه ابراهيم بوجوم :

- في ايه يا ادم هو انا لازم استأذن عشان اجي اشوف إبني ؟


تنحنح ادم و أجابه وهو يطالع الملف الذي بيده :

- لا طبعا استغفر الله انا بس قلقت لأن الساعة لسه 8 اتفضل.


دلفا الى المكتب ووضع ابراهيم الأوراق متحدثا بجدية :

- كنت جاي اكلمك بخصوص الشغل ... انا نويت انقل أسهمي ليك انت و اختك وبعد ما توقع على الورق ده هتبقى صاحب اكبر نسبة من الأسهم في الشركة. 


نظر له بدهشة قائلا :

- تنقلي الأسهم ليه يا بابا انا من الاول صاحب اكبر نسبة ممكن تفهمني سبب قرارك ده ؟


- يا ابني انا طول عمري واقف على راس الشركة اشتغلت و تعبت كتير عليها و دلوقتي جه الوقت عشان ارتاح ومتأكد زي مانا شايفك قدامي انك هتحقق ضعف اللي انا حققته و تنجح نجاح مبهر ب اذن الله ... انا بثق فيك يا ادم و مؤمن بقدراتك و ذكاءك كفاية انك السبب في توسيع الشغل و نجاح مشاريع كبيرة مش هخاف على تعبي طول مانا مأمنه عليك.


تأثر ادم و ابتسم بخفة :

- الصراحة انا مستغرب من كلام حضرتك لأني اتوقعتك هتنقل الاسهم لعل... لعمي علي عشان مركزه يكبر.


ظهر العتاب على وجه ابراهيم و أردف :

- عمك علي اخويا بس انت ابني و بثق فيك اكتر من ثقتي فنفسي و عندي استعداد اسلمك حياتي وانا مطمن ، صحيح إني اتخانقت معاك كتير عشان علي لدرجة افتكرتني بحبه اكتر منك بس الحقيقة يا ادم اني بفضلك على كل الناس ومهما اراءنا اتعارضت الثقة و المحبة مش هيزولو. 


انبسطت قسمات وجه ادم برضا و انحنى عليه يقبل جبينه :

- ربنا يخليك ليا و اكون قد ثقتك.


ابتسم له و فجأة تجهم و عقد حاجباه بتحفظ :

- ايه الريحة اللي طالعة منك ديه انت شربت سجاير يا ادم ؟ مش كنت بطلت العادة ديه من زمان ايه اللي رجعك ليها ليه عملت كده ؟


تشنج وجهه و عاد فكه ينقبض ميجيب بنبرة متشنجة :

- بابا لو سمحت انا مش صغير عشان حضرتك تستجوبني كده ديه سجارة واحدة القصة مش مستاهلة.


- لا الواضح انها سجارة واحدة.

علق عليه والده ساخرا ثم أخذ نفسا عميقا و تحدث بتريث :

- ابني انا عارف ان مادام وصلت لمرحلة ترجع لعادة بطلتها يبقى اكيد انت مدايق من حاجة و حاسس انك مش هتحلها بس اللي مش عارفه ايه السبب ده ايه اللي بيخليك طول الوقت شارد ومش مركز و عدائي مع اللي حواليك فهمني يا ادم عشان اقدر اساعدك ، لو على مراتك فهي انتكست مرة و خفت الحمد لله و بقت كويسة.


صمت قليلا و استدرك بتوجس :

- يارا خفت صح و معندهاش حاجة تقلق اوعى تكون لسه تعبانة وانت مخبي عليا !!


استدار ادم له و طالعه قليلا قبل ان يقول :

- يارا كويسة ومحدش مخبي عن حد حاجة .... انا مضغوط ف اخر فترة بسبب الشركة و المشاريع اللي وقعنا عليها.


- و بخصوص العملاء الأتراك اتفقتو مع بعض ولا لسه ؟


حرك رأسه بآلية :

- مستني التقارير اللي هيعملها مازن بخصوصهم بما انه هو المدير التنفيذي للشركة ولما يخلص هنشوف اذا قدرنا نتفاهم و نوقع على العقد ولا لأ.


بعد حديث قصير حول العمل وقع ادم على الاوراق التي تنقل نصف أسهم ابيه اليه و النصف الآخر الى رهف و عندما انتهى تمتم بهدوء :

- خليك قاعد هنا كمان شويا و اهو نفطر سوا.


ربت عليه ابراهيم ضاحكا :

- انا سايب امك تعمله عشان نفطر انا ووياها كان نفسي اعزمك بس معلش بحب انفرد بمراتي. 


ابتسم ادم عليه و قبل مغادرة والده التف يكلمه :

- انا هقدم الورق للمحامي عشان يخلص باقي الاجراءات و انت ارتاح شويا من الشغل و اه ياريت مشمش ريحة السجاير ديه تاني.


كان يقصد انه لا يود عودته لإدمان عادة التدخين لكن ادم رفع حاجباه بمكابرة و تمتم ببرود :

- حاضر يا بابا هبقى استحمى بعد كل سجارة عشان متوصلكش ريحتها .... بهزر متبصليش كده.


بعد دقائق كان ادم يجلس على الأريكة يزفر في إرهاق ، عضلات جسده متشنجة و تفكيره مشغول في آخر محادثة بينه وبين ادهم عندما قال بأنه سيخبر يارا بكل الحقائق فأجابه الآخر بأن يتريث ولا يتسرع و يفسد كل شيء معرفة زوجته بحقيقة عمها و ابنه تعني معرفة العائلة كلها و افساد عمل المباحث و الخطة التي يجرونها منذ أيام طويلة ... يارا لن تصدق و بكل غباء ستسأل علي ان كان هذا الكلام صحيحا .... و بالتأكيد عمها العزيز لن يجلس مثل مسكين قليل الحيلة بل سيسعى ل انقاذ نفسه و انتشالها من الخطر و في طريقه الى ذلك سيدوس على من يقف أمامه و لن يتوانى عن أذيتهم جميعا.


تأفف بخنق و فتح اول زرين هامسا :

- مبقتش مستحمل الصورة اللي يارا رسماها ل **** حبها لعمها بيخ*نقني وانا مش تقدر اسكت بعد ما عرفت قد ايه علي أذاها و أذا*نا كلنا.


مرت عليه ساعة دون ان يتحرك حتى انتصب واقفا و صعد الى غرفته ليسمع صوت ضحكات يارا وهي تكلم أحدهم على الهاتف ، ورغم اشتياقه الكبير لضحكاتها الجميلة الا انه تساءل عن هوية المتصل في هذا الوقت.


فتح الباب و دخل وسرعان ما جز على اسنانه عندما علم انها تحادث عمها علي و يبدو ان مزاجها اصبح معتدلا عكس حالتها ليلة أمس.

رفعت يارا رأسها و ابتسمت عندما رأته يقف امامها فقالت :

- طيب يا عمو انا هقفل دلوقتي عشان انزل احضر الفطار سلملي على تيتا و جدو و خلي بالك على نفسك و شكرا لأنك بتتصل تطمن عليا .... مع السلامة.


اغلقت الخط و رددت ببساطة :

- عمو علي بيسلم عليك يا ادم.


لم يجبها و جلس أمامها بوجوم يحدث نفسه " هذا هو الوقت المناسب لإخبارها " ، لكن بدلا عن ذلك غمغم بجفاء :

- اتصل ليه ؟


- عشان يطمن على صحتي ده كل يوم بيرن عليا و يسأل عن احوالي ... تعرف حاجة انا احيانا بحس نفسي بنته مش بنت أخوه لأنه بيهتم بيا كتير و بيحبني.


تأ*لم قلبه لكلامها و التزم الصمت بينما تابعت هي :

- يعني رغم المشا*كل اللي حصلت بينه وبين بابا زمان و بينه و بينك بس عمره ما ربطها بيا و حبه قل بالعكس مهما حصلي دايما واقف جمبي انا محظوظة لأن عندي عيلة زيكو.


يا الهي كيف سيخبرها الحقيقة بعد كلامها هذا ، كيف يقول لزوجته انها عمها الحبيب هو من قت*ل والدها و يتمها و غير لها أدويتها وجعلها مد*منة و خطط لتفريقا عن زوجها وكل هذا لأجل المال ، كيف يستطيع إطفاء لمعة الحب و الإمتنان بعينيها و افسا*د ضحكتها التي غابت عنه طويلا لن يقدر هو قوي نعم ولم يتردد يوما في إخبار الحقائق مهما كانت قسو*تها لكن ابتسامة يارا تجعله يتراجع .... ربما عليه الاحتفاظ بهذا السر لنفسه و سينكشف في يوم من الأيام بعد الزج به في الس*جن لن يدع غض*به يتحكم به و يجعله يف*سد ما يسعى اليه هو والشر*طة.


وعند هذه النقطة تشنج وجه ادم دم بحدة أجفلتها :

- اوعى تكوني حكيتيله عن سبب تعبك و انك بتتعالجي دلوقتي !!


استغربت رد فعله هذا لكنها ردت على اي حال :

- لا محكيتش لحد زي ما نبهتني هقول ايه اصلا وانت لسه مفهمتنيش قصة الحبوب المهلو*سة ديه و ليه استهدفوني انا بالذات و ليه احنا لسه مخبيين الحقيقة ديه على العيلة !


اغمض عيناه و دلك رأسه بخفة مهمهما :

- قولتلك الناس المنافسة ليا حبت تنت*قم مني و يشغلوني عشان كده أ*ءو اقرب واحد ليا واللي هي انتي .... مراتي و ام بنتي ، وبالنسبة لسؤالك التاني ف اتمنى احتفظ بالحقيقة ديه لنفسي وهبقى احكيلك عن كل حاجة ف الوقت المناسب بس اوعى حد يعرف فاهماني يا يارا !


بدى وجهه صار*ما و محذ*را بشكل لن تتجرأ على معارضته في اي شيء بالتأكيد و رغم حنقها و فضولها القوي لمعرفة ما يخفيه الا انها ردت بمضض :

- ماشي يا ادم حاضر ..... بس ايه الريحة ديه.


انكمشت ملامحها وهي تتفحصه حتى شهقت مندهشة :

- ديه ريحة دخان اللي طالعة منك .... انت قضيت الليلة بتشرب سجاير ؟


تأفف ادم بضجر و غضب :

- هو كل حد يشوفني يسمعني الكلمتين دول ما خلاص بقى متعملوش منها قصة انا مش ولد صغير عشان تستجوبيني انا الراجل و بعمل اللي عايزه و محدش ليه عندي حاجة.


فغرت فاها بتعجب و اندفعت تهاجمه :

- لا والله محدش ليه عندك حاجة يا سلام مين اللي قال الكلام ده !


- انا اللي قولته و اظن ده كفاية.

رد عليها ببرود و عندما لاحظ إحتقان وجهها هدأ قليلا و هتف بلين :

- ديه كانت سجارة واحدة و مش هتتكرر لاني طبعا مش هحب ا*ؤذيكي و ا*ؤذي بنتي بالدخان.


قرص وجنتها لتنفخ يارا بحزن :

- انت شربت السجاير ديه بسببي ... اللي عملته امبارح دايقك و خلاك تطلع غضبك ف التدخين كله بسببي اسفة.


أمالت برأسها على كتفه فرفع يده و ملس على شعرها بحنان :

- فداكي.


اسدلت جفونها بندم و خز*ي رغم ان لا دخل لها بمرضها لكن ضميرها يؤنبها بشكل مر*وع عندما ترى إرهاقه و تعبه وكله بسببها ..... تنهدت بحر*قة و فجأة مرغت انفها في كتفه لتسمع ادم يضحك على تصرفاتها :

- انتي بتعملي ايه ؟


ردت عليه بإنتشاء :

- ريحة السجاير مع ريحة البرڤيوم جننتني اااه كنت بشمها فيك من زمان قبل ما نتجوز و زعلت وقتها لما بطلت تدخن.


رفع حاجبه باستنكار و قال :

- يا سلام تحبي اد*من عليها تاني ؟


انتفضت و سارعت تجيب :

- لالا عشان خاطري .... انا بحب الريحة ديه بس بحبك اكتر مش عايزة ترجعله لو سمحت.


اتسع ثغره مبتسما فقبل جبينها ببطئ مدروس و همس بصوته الرجولي المتهدج :

- انتي كويسة ؟ 


تأوهت بخفوت مرددة :

- كويسة طول ما انت معايا ... وحشتني اوي.


تشنج جسد ادم بتأثر من قربها و ابتلع ريقه بصعوبة هاتفا :

- انا ... لازم اروح المكتب وانتي ارتاحي عشان متتعبيش و...


قاطعته يارا بلوعة وهي تمرر يدها على ذقنه :

- متبعدش عني انا برتاح معاك انت بس ... انا بحبك.


انتشت روحه بهمستها التي كادت تحط على شفتيه من شدة قربها و تحفزت حواسه متأثرة بأفعالها التي رغم بساطتها الا انها تغر*يه بدرجة كبيرة ، رفع ادم يده و مررها على وجنته هاتفا بشجن :

- يارا متعمليش كده انا عايز قربك اكتر منك بس مش عايز تتأ*ذي ولو فضلتي تقولي الكلام ده مش هسيطر على نفسي.


توردت وجنتيها بخجل و اجابت :

- انا سألت الدكتورة اللي متابعة معاها لما روحنالها من يومين ... و قالتلي يعني ... ممم مفيش مشكلة لو ... لو قربنا مم من بعض قصدي ...


ابتلعت باقي كلماتها و كم ندمت لأنها طلبت القرب منه هي مشتاقة له نعم وتعلم ان زوجها رغبته بها ضعف خاصتها لكنها لا تريد ان تتعرض للإحراج لو رفضها بحجة المرض ، و سرعان ما فاجأها ادم عندما وجدته يزيح طرف ثوبها و يطبع قبلته على كتفها العاري بتأن ثم احتجزها بين ذراعيه و تكلم بنبرة عابثة :

- مكنتش اعرف اني وحشتك للدرجة ديه عجبتني جر*أتك ابقي اطلبيني على طول بقى.


- ادم !

همست يارا محتجة وقد اخفضت عينيها عن مرمى عينيه ف انحنى عليها و قبل ثغرها هامسا :

- قلب ادم ... روح ادم ...


طالعت حدقتيه الحادتان بحب و استغربت عندما لاحظت وجود الحزن و الغضب بداخلهما يغطيهما الر*غبة التي تراها به منذ ايام طويلة ، عقدت حاجبيها بحيرة و كادت تسأله عن السبب لكنه اوقفها وهو يميلها على الفراش و يميل فوقها مقبلا كل انش من وجهها و عنقها ثم غلغل اصابع يده بأصابعها و تأ*وه بحر*ارة :

- بحبك.


أوصدت جفونها براحة و اردفت :

- وانا بموت فيك ....


_________________________


مساء اليوم التالي.

في شقة الضابط مروان.

انتهت تجيهزات الخطوبة و هاهي تقي تقف امام المرآة تطالع هيأتها المزينة من الخارج و المجروحة من الداخل ، قد ارتدت فستان اسو*د حدادا على حبها الخاسر و طرحة بيضاء تلائم بشرتها و الدمو*ع تهطل من عينيها الملونتين كحال عيون كل العائلة ، شهقت ببكا*ء و همست لنفسها :

- انتي بتعملي ايه ؟ و ليه و عشان مين التصرفات ديه انتي أصريتي تكملي الخطوبة المزيفة ديه وانتي اصلا متجوزة في ايه مالك يا تقي عايزة تفض*حي اهلك للمرة التانية و تخلي الناس تتكلم عليهم و كله علشان آسر اللي مبيستاهلش د*معة منك ؟ آسر اللي اتخلى عنك للمرة المليون انتي لسه محرمتيش من الخيانة هلاص بقى ارمي الحب ده من قلبك اخلصي من لعن*ته انا مبقتش قادرة استحمل والله العظيم مش قادرة !


كفكفت دموعها بسرعة و حدثت نفسها :

- انا لازم انهي المسخرة اللي بتحصل ديه لازم اقول الحقيقة قبل ما الناس تجي و تبقى فض*يحة. 


خرجت من الغرفة لتقابل والدتها متجهمة الوجه :

- رايحة على فين ؟


تقي :

- رايحة ادور على ابيه مروان هو فين عايزة اكلمه بخصوص موضوع مهم.


استنكرت عزة لهفتها و قالت :

- ليه عايزاه يباركلك لانك هتتخطبي لواحد بلط*جي و متجوز اتنين قبلك وانتي الزوجة التالتة ؟ عمتا اخوكي قاعد مع مازن خطيب اختك مش هتقدري تشوفيه دلوقتي.


كادت تتكلم لكن أمها قاطعتها :

- ادخلي جوا و جهزي نفسك اللي اسمه سليم و أمه و زوجاته هيجم بعد شويا يلبسوكي الدبلة اللي قاتلة نفسك عليها و بعد الساعة ديه مبقاش ينفع تتراجعي عن خطوبتك.


جفلت تقي مصدومة و تلعثمت :

- اا .... ماما انا عايزة اعترفلك بحاجة مهمة هو ....


قطعت كلامها عندما سمعت صوت ضجة عالية كأن هناك مشا*جرة تحدث و استطاعت تقي تمييز صوت أخيها و صوت اخر شخص توقعت وجوده في هذه اللحظة .... آسر !!


قبل ساعة ونصف.


كانت رتاج في غرفتها تمشط شعرها حتى سمعت طرق الباب اعتقدت انها تقي او مروان فقالت : 

- اتفضل.


- بسم الله ماشاء الله.


انتفضت بهلع و استدارت لتصيح بدهشة :

- مازن ! انت بتعمل ايه هنا دخلت ازاي ؟!


طالعها مازن بانبهار ولشعرها الطويل ناعم ولونه مائل للاحمرار مع عيونها الخضراء وبشرتها البيضاء الصافية و فستانها النبيتي الداكن كانت آية من الجمال وخاصة بعد رؤية شعرها ولونه الغريب هذه اول مرة يراها بدون حجاب بالرغم من انه كتب كتابه عليها منذ مدة ، اقترب منها ببطئ فبلعت ريقها بصعوبة و هتفت :

- لو سمحت اطلع برا قبل ما يشوفك حد هنا و تحصل مشكلة.


امسك يدها وقبلها ببطئ ورقة شديدة هاتفا :

- انا هربت من اخوكي و قولتله رايح الحمام عشان اجي اشوفك بس متوقعتش الاقي القمر قاعد هنا.


انسلتت منه بارتباك وهي تنظر خلفه خشية دخول احدهم :

- لو سمحت اطلع برا قبل ما ....


قاطعها وهو يمسك خصلة منها و ادارها حول اصبعه هاتفا :

- شعرك بيجنن اخر مرة شوفته فيها كنتي لسه صغيرة و كان قصير و لونه احمر بس دلوقتي طول وبقى بني مايل للأحمر.


ابتسمت رتاج بوله :

- لسه فاكر شكلي وانا صغيرة ؟


هز رأسه بإيجاب وقبل ان يتكلم رن هاتفه وكان زياد من يتصل به فقال :

- انا همشي دلوقتي بس هرجع تاني ممكن تلاقيني بنط من شباك اوضتك و ادخل عليكي الساعة 12 بليل ها.


شهقت بصدمة ليضحك مازن :

- انا بهزر معاكي يا حبيبتي.


انحنى عليها و قبل وجنتها و غادر تاركا اياها تطالع فراغه ببلاهة .... نظر لهاتفه و فتح الخط :

- السلام عليكم دكتور زياد ايه اللي حصل عشان تفتكرني.


- و عليكم السلام يا صاحبي المفروض انت اللي اختفيت الفترة ديه و مبقتش تعبر حد فينا بعدما كتبت الكتاب و معزمتنيش.


ضحك و علق بمزاح :

- هو انا عملت حفلة عشان اعزمك يالا بس لو عايز تقدر تجي النهارده تحضر الخطوبة.


- خطوبة مين ؟


- خطوبة تقي اخت مراتي.


صمت زياد يستوعب ما سمعه ثم ضحك بخفة :

- مازن ياريت تقولي انك بتهزر معايا !


- و اهزر ليه خطوبة البنت النهارده و هتلبس الدبلة شويا كمان ... الو زياد انت سامعني ؟


*** من ناحية اخرى.


اغلق زياد الخط و نهض ينادي زوجته بعجل :

- رهف .... رهف !!


خرجت رهف من المطبخ بفزع :

- ايه في ايه بتناديلي كده ليه في حاجة ؟


وقف امامها و سألها ب إنفعال :

- صاحبتك اللي اسمها تقي بجد هتعمل خطوبتها النهارده ؟


اندهشت من معرفته للأمر و اجابت :

- ايوة بجد بس انت عرفت منين و بتسأل ليه ؟


- ليه مقولتليش و خبيتي عليا !!

صاح في غضب ف احتدت ملامح رهف و قالت :

- و اقولك ليه مش احنا اتفقنا منجيبش سيرة الناس و قولتلي مطلعش اسرار بيتي ولا اتكلم في حاجة متخصنيش ايه غيرت رأيك و بقيت انا الغلطانة ؟؟


تأفف زياد و تمالك نفسه ليقبل جبينها يخبرها :

- مغلطتيش بس ياريتك غلطتي المرة ديه.


ابتعد عنها و طلب رقم أخيه الذي سرعان ما رد :

- الو زياد ازيك عامل ايه ؟


ابتسم بتهكم و اجابه :

- كويس الحمد لله اتصلت اعزمك ع الخطوبة اهو تغير جو شويا.


تمطع آسر و نهض جالسا على فراشه :

- خطوبة مين خطوبتك انت ليه هتتجوز على مراتك ؟


قالها بمزاح و ابتسامة متسعة سرعان ما زالت و حلت الصدمة مكانها عندما سمع جواب الآخر :

- لا يا حيلتها خطوبة مراتك اللي هتتجوز عليك !!


بعد مدة كان آسر يقود سيارته بسرعة جنونية وهو يهمس لنفسه :

- تقي هتتخطب ازاي مش انا قولت ل اخوها اني لسه متجوزها هو مصدقنيش ولا بيلعب معايا ولا ايه.


اخرج هاتفه و طلب رقم مروان لكنه تفاجأ به يغلق الخط فزمجر بعصب*ية مر*يرة و واصل طريقه حتى  توقف عند العمارة التي تقطن تقي فيها.


ترجل و ركض يصعد الدرجات ليصل الى الشقة طرق الباب عدة مرات بقوة حتى فتح و ظهر مروان يسأله ببرود :

- في حد يخبط على الباب بالطريقة ديه ؟


في نفس الوقت نزل المدعو سليم و أمه و زوجتيه و عندما رآه جز على اسنانه بغيظ :

- ده عريس الغفلة ؟


سليم بسماجة :

- انت مين يا حيلتها و بتخبط كده ليه احنا معزمناش حد من برا العيلة.


قهقه آسر بر*عونة وقد فقد أعصابه ليمسكه من ياقة قميصه و يصرخ :

- انا جوز الست اللي جاي تلبسها الدبلة يا حيلتها انا آسر الألفي جوز تقي !


انتفضت أم سليم بصدمة و صرخت :

- انت نفسه اللي هربت معاك قليلة الشر*ف من زمان .... سامع يا ولد بيقولو ايه البنت العا*يبة اللي كنت ناوي تتجوزها طلعت مصاحبة اتنين في وقت واحد ويا عالم مين تاني.


نظر لها آسر بحدة و تقدم خطوة مهددا :

- اتلمي يا حرمة و احترمي نفسك اوعى تغلطي في مراتي !


تكلمت احدى الزوجات بلزوجة :

- هي ديه اللي نويت تتجوزها و نجيبها ضرة تالتة و قال ايه هتخدمنا و تخدم أمك اهي طلعت مش مطل*قة و دا*يرة على حل شعرها.


- إخرسي !

صاح بها مروان و طالع سليم محذرا :

- لم مراتك احسن ما....


قاطعه بوقا*حة و قر*ف :

- هتعمل ايه الولية مغلطتش اختك بدل ما تبوس ايدها وش و ظهر عشان قررت استر عليها وعلى نجا*ستها طلعت بتلعب عليا.


تنند آسر و في اللحظة الموالية كان يجثم فوقه يلكمه بعن*ف صارخا :

- نجا*سة مين يا **** لما هي عايبة عايز تتجوزها ليه وانت متجوز اتنين ولا ديه فراغة عين وخلاص مراتي اشرف منك يالا يا ***** يا ***** 


انتفض الجميع و خرج الجيران يحاولون الفصل بينهما و فجأة وجد آسر نفسه يسحب من أحدهم و يتلقى لكمة عن*يفة جعلت انفه ينز*ف ، تأوه بدهشة و نظر الى مروان :

- انت اتجننت بتضر*بني ليه ؟ انت كنت عارف اني لسه متجوز تقي سايرتها في اللي بتعمله ليه يا ضابط يا محترم !!


في هذه اللحظة التقت عيناه بوجهها المصدوم فزاد غضبه و كاد يقترب منها لكن مروان سحبه الى الداخل و لكمه ثانية و سدد له عدة ضر*بات مو*جعة صائحا :

- انا كان نفسي اديك الضر*ب ده من زمان بس مسكت اعصابي و دلوقتي محدش هينجيك مني.


صرخت تقي بخوف و ركضت نحوهما تحاول الفصل بينهما :

- ابيه مروان خلااااص كفاية ارجوك سيبه مروااان انت هتموته بس بقى !!


عند سماع صوتها رفع رأسه ليجدها تبك*ي بخوف و تحاول ابعاد أخيها عنه ف ابتسم رغم الكدمات التي تغطي وجهه و قفز يسدد لكمة في وجه مروان :

- تقي مراتي انا ومش هسمح لحد ياخدها مني !!


توقف الآخر عن ضربه ووقف ف انحنت تقي على آسر تردد بهلع :

- قوم بسرعة و امشي قبل ما تتأذى أرجوك امشي دلوقتي و متجيش هنا تاني.


التفت لها بأ*لم و تمتم :

- انا مجتش عشان امشي يا تقي ... جيت ارجعك معايا !


نزلت دمو*عها بغزارة و شهقت بحر*قة قلب :

- بعد المدة ديه .... ايه اللي هتقدر تصلحه فهمني !


اغرورقت عيناه بالدمو*ع و حاول الإستناد عليها ليقف ثم فتح باب الشقة ووجد الجيران متجمعين و أعينهم متسعة بفضول ، أخذ نفسا عميقا و أمسك يد تقي متحدثا بصوت عال :

- من زمان انا حبيت تقي و اتجوزتها بس بسبب غبائي خسرتها و اتعذبت في بعدها عني و النهارده انا جاي اقولكم انها لسه مراااتي و قيمتها محطوطة فوق راسي من النهارده اي حد يفكر يتكلم عليها هيلاقيني قدامه ومش هفكر مرتين قبل ما اخل*ص عليه.


طبع قبلة على يدها و همس بتعب :

- عايز اتكلم معاكي.


احتدت عيناها برفض :

- وانا مش عايزة اسمع صوتك كفاية الفض*يحة اللي عملتها.


جاء صوت مروان الجاد من الخلف :

- معاك ساعة يا استاذ لو مقدرتش تقنعها حط في دماغك انك لو طولت السما مش هتقدر تشوفها تاني مفهوم ... ديه آخر فرصة ليك.


اندهشت أخته و طالعته بإستفسار ليبتسم ويرفع حاجبه بمعنى " كنت أعلم بكل شيء " ولم تكد تتكلم حتى وجدت نفسها تمشي خلف آسر الذي يمسك يدها و يسحبها بعزيمة متجاهلا حديث الجيران الجانبي و تساؤلاتهم عن المجنونة التي كادت تعقد خطوبتها وهي متزوجة من رجل آخر !


هدر مروان بصوت جهوري :

- المسرحية خلصت اختي مشيت دلوقتي مع جوزها لو سمعت كلمة غلط عليها مش محتاج اشرحلكو هعمل ايه !


رمقوه بنظرات مستنكرة ساخطة و دخل كل منهم الى شقته فجاءت عزة تصرخ بصبر نافذ :

- انت هتشرحلي كل حاجة قبل ما افقد اعصابي سامع !


رد عليها بتريث :

- حاضر يا أمي ثواني بس.


شمر على ذراعيه و استدار الى سليم مغمغما بتشنج :

- انت بقى كنت ناوي تاخد اختي و تشغلها خدامة عندك لأنها عا*يبة و قليلة شر*ف .... تعالالي يا رو*ح إمك ! 


___________________________


بعد مرور اسبوع.

في فيلا ادم الشافعي.


تململ في نومه و فتح عيناه بكسل ليجد المكان بجانبه فارغ فإنقبض حاجباه و تساءل ... اين هي ؟


نهض جالسا و خرج من الغرفة ليبتسم عند سماع حركة تصدر من المطبخ و صوتها الناعم يدندن أغنية تركية تعود على سماع شقيقته رهف تغنيها بشغف ، تنهد براحة و تذكر الأيام الماضية اتبعت يارا جلساتها و تحسنت حالتها كثيرا بعد العلاج و بدأت تعود الى سابق عهدها ، حسنا لم تشفى تماما او تتوقف نو*باتها لكن على الأقل لم تعد تتألم مثلما كانت و عادت لها روحها المرحة نوعا ما.


نزل ادم الى الأسفل و رآها تضع العصائر فوق الطاولة ف احتضنها على غفلة منها و قبل وجنتها :

- صباح الخير.


- خضتني يا ادم.

همست خجلة صدرت منها وهي تبتسم له فلحد الآن تشعر بإرتباك و حرج عندما يتصرف بحب معها ، التفتت له و أردفت :

- صباح النور.


ابتسم و قرص وجنتها بخفة :

- مصحتنيش بدري ليه انا عندي اجتماع بعد ساعة ونص.


- كنت هطلع دلوقتي اصحيك والله مش قصدي اخليك تتأخر.

فسرت له يارا مسرعة فردد بخشونة :

- انتي اتوترتي كده ليه اهدي اكيد مش هترفد من شغلي لو اتأخرت ع الشركة بتاعتي.


- مغرور !

قالتها بغيظ منه فرفع حاجبه مستفزا اياها :

- حقي اتغر.


حلس على الكرسي وهي جانبه يتسامران حتى قالت وكأنها استدركت شيئا :

- صحيح انا عايزة استأذنك عشان اخرج النهارده.


همهم ادم باقتضاب :

- تخرجي تروحي على فين ؟


ردت عليه ببساطة :

- اسجل في الجامعة الدراسة هتبدأ بعد اسبوع وانا لسه محطيتش الملف بتاعي.


وضع ادم كأس العصير جانبا و تنحنح بجدية :

- بلاش يا يارا.


تفاجأت منه و رددت :

- ليه بس طيب لو مش عايزني اطلع تقدر انت تسجلني بنفسك.


تأفف بسخط و نظر لها مباشرة :

- انا بقصد انك لازم تلغي السنة ديه و متدرسيهاش أجليها للسنة الجاية احسن.


راقب عيناها تتسع بصدمة فوقفت تهتف :

- انت بتقول ايه سنة ايه اللي الغيها و ازاي و ليه انا بقيت كويسة دلوقتي ومش بتعرض لنوبة قوية لو خايف تحصلي حاجة ف....


قاطعها وقد وقف امامها مغمغما بصرامة :

- خايف عليكي وكمان مش موافق اسيب مراتي تروح الجامعة وبطنها قدامها و جسمها ملفت اساسا انتي لازم تهتمي باللي في بطنك الفترة ديه الدراسة مش هتهرب.


صرخت يارا وقد فقدت هدوؤها :

- افندم منين طلعت القصة ديه دلوقتي مش انت اللي من كام يوم قولتلي الدراسة قربت ولازم تبدأي تذاكري ورفضت انزل البلد مع تيتا و جدو عشان اقدر اروح الجامعة اومال ايه اللي حصل فجأة.


رفع ادم اصبعه في وجهها محذرا :

- وطي صوتك و متعليهوش عليا انا بشرحلك بهدوء و بقولك اولا صحتك مش ممتازة عشان اأمن عليكي وانتي لوحدك و رهف جوزها هيوديها الصبح و يرجعها المسا وانا مبقبلش تركبي معاه و مشغول الفترة ديه ومش هقدر اخدك و ارجعك كل يوم ده اولا .... ثانيا انا مش عايز تلفتي انتباه الشباب اللي معاكي و تهملي نفسك من غير حاجة عملتي اكتر من مصيبة وانتي ف الجامعة ومش عايز اللي حصل زمان يتكرر.


هزت رأسها بعدم استيعاب و قالت :

- ادم انا مش اول ولا آخر واحدة بتدرس وهي حامل انا بقدر اخد بالي من نفسي ومن بنتي بطل تحكيلي الحجج ديه لأنها مش داخلة دماغي و قول الحقيقة انت مش عايزني اكمل دراستي ليه ؟ انت خايف يتكرر موضوع محمد مجدي ؟


- متجيبيش سيرته !

صاح بها برعو*نة أخا*فتها وجعلتها تعود للخلف ليتابع :

- هي كلمة واحدة ومش هكررها تاني مفيش دراسة السنة ديه بعد الولادة مسؤوليتك هتكبر و هتبقي تهتمي ببنتنا اعتقد ده من اولوياتك و لحد ما تكبر ...


قاطعته يارا ساخرة :

- لحد ما تكبر ؟ لسه من شويا كنت بتقول هتابع السنة الجاية ايه رجعت فكلامك وتقعدني في البيت طول العمر ؟


صمت قليلا وهو يتنفس بحدة قبل ان يتحدث بصلابة :

- هبقى مبسوط لو قعدتي في البيت كده كده انتي مش محتاجة شهادة ولا شغل تجيبي منه فلوس بس هنتناقش في الموضوع ده بعدين المهم السنة ديه هتتلغى.


تحرك و صعد الى غرفته يغير ملابسه و قبل مغادرته سمعها تصرخ بعصبية :

- في احلامك يا ادم انا مش هسيبك تتحكم في حياتي و تلغي وجودي انا دلوقتي عرفت انك زي باقي الرجالة اللي روح قلبها تقعد الست في البيت بس مش هسكتلك فاهم !!


لم يلتفت لها و تجاهلها كليا ف التمعت عيناها بدموع منفعلة غير مصدقة انه نفس الشخص الذي كان يغازلها منذ قليل و يعاملها بحنان العالم في الآونة الأخيرة ، جلست على الكرسي بتثاقل مفكرة اذا طاوعته و ألغت سنتها الدراسية سيجعلها تتنازل عنها في السنوات المقبلة لن يدعها تعود ابدا لكنها لن تسمح له بذلك ليست هي من يستطيع التحكم بها و طمس قراراتها و حريتها لن تخضع له مطلقا.


تنفست بقوة وهزت رأسها تعد نفسها بتصميم :

- ماشي يا ادم يا انا يا انت !!


الفصل الرابع والعشرون من هنا

تعليقات

التنقل السريع