في إحدى محافظات الصعيد.
توقف عمر بسيارته امام أحد المباني و ترجل منها لينظر الى ذلك الرجل الذي يقف بشموخ و حوله رجاله المسلحي*ن ذو بنية ضخمة و يبدو على وجههم الإجر*ام و انعد*ام الرحمة ، تنحنح بثبات ورغم توتره من وجوده في هذا المكان بمفرده الا انه استطاع رسم الثقة على وجهه بحرافية و تقدم بضع خطوات قبل ان يتم تفتيشه من أحد الحراس و إطمئنانهم انه لا يحمل شيئا يضرهم.
نظر الرجل ذو القبعة السوداء له نظرة شاملة ثم غمغم برعونة :
- انت عمر الشافعي ؟
هز رأسه بإيجاب :
- ايوة يا باشا ، حضرتك اني عملت مجهود كبير مشان اوصلك و مبسوط جوي واني واجف جدام الباشا.
همهم بسماجة وقال :
- لما عرفت انك بتدور عليا و عايز توصلي استغربت ليه حفيد العمدة محتاجني و ايه الثقة ديه اللي تخليه يطلب اقابله شخصيا انا متأكد ان في سبب خلاك تجيبني من مكان بعيد بس اتمنى يكون قوي كفاية عشان مقتلكش خاصة انك بتشتغل عند عد*وي اللدود !
ظلت ملامح وجهه ثابتة وهو يجيبه مباشرة :
- عندي المستندات اللي جادرة توجع الزعيم و ترميه من سابع يما لسابع أرض الورج ده نجطة ضعفه ولو اديتهملك هينتهي !
رفع حاجبه بإستهجان ساخر :
- لا بجد وانت جايب الورق ده منين انا سمعت انك ضيعتهم و زعيمكم مرضيش يقت*لك لأنه لسه بيستفاد منكم في تمويل صفقاته ايه لحقت تلاقيهم و تجيبهملي ؟
- إني مضيعتهمش يا باشا عملت الخطة ديه مشان ميدورش عليهم تاني و خابر زين ان الزعيم هيجت*لني في اول فرصة تجيله مشان كده إني رايد ينتهي جبل ما يلحج يأ*ذيني.
تدل الرجل قبعته السو*داء التي تغطي نصف جبينه و تساءل بخشونة :
- و ايه اللي يخليك تخو*ن سيدك و تخا*طر بحياتك عشان تجبلي المستندات الخاصة فيه بمعنى تاني ايه اللي يخليني تصدق حسن نواياك وانك مش متفق معاه عشان توقعوني ؟
إبتسم بإصطناع ورد عليه :
- إني مليت من أوامره و مرايدش افضل خدام عنديه رايد مركزي يعلى و ابجى الذراع اليمين و ثانيا الزعيم مخابرش اللي بعمله من ورا ظهره حتى ابوي خدعته و اديته مستندات مزيفة مشان اشتت انتباهه وكل ده خططتله بصعوبة و خاطرت بحياتي و اتوجع الجاسوس اللي حضرتك حطيته وسطينا قالك على اللي حصل بينا و جد ايه الزعيم كان متوتر لما جولتله اني ضيعت الورج بتاعه.
- فين المستندات ديه ؟
- جبل ما اديهملك رايد توعدني تحطني تحت جناحك من النهارده و اكون يدك اليمين و تحميني من الزعيم التاني !
حرك رأسه بغلظة :
- لو الورق قدر يفيدني بوعدك هضمنلك الحماية مدى الحياة و تبقى مساعدي المخلص.
انتشت ملامح وجهه و استدار الى سيارته يخرج الملف المعني ، وضع في يد " الباشا " الذي بدأ يتفحصه بنظرة شاملة و سرعان ما ظهرت الدهشة مليا عليه وهو يردد :
- الورق ده هيخلص عليه و يحطه تحت رجلي انا مش مصدق اللي بين ايديا انت كنت فين لحد دلوقتي لو مظهرتش من البداية كنت هخليك تبقى مكان زعيمك .... تصرفك ده عجبني اوي و اتأكد يا عمر الشافعي ان حياتك هتتغير من النهارده و هتترفع لمركز محلمتش ابدا في انك تملكه.... بس لو فكرت تلعب بذيلك و تخو*ني زي ما خو*نت أبوك و زعيمك ف ...
تىرك جملته معلقة لكن الآخر فهمها جيدا و اومأ بثقة :
- إني من اليوم راجلك المخلص يا باشا !
________________________
رن هاتفها للمرة الخامسة على التوالي معلنا اتصال صديقتها التي تطلبها لإنهاء تصميم الديكور الهندسي لأحد الشركات ، زفرت بإنزعاج متذكرة انها بدأت العمل منذ فترة لكي تنسى زوجها المزعوم و تعود الى الحياة بعدما ألقاها الحزن في المنزل لكن بالطبع آسر لم يغب عن ذاكرتها نهائيا ومع هذا تابعت محاولاتها الجاهدة لمتابعة حياتها ...
حكت تقي عينيها و ألقت رأسها على الوسادة تتذكر أحداث آخر أسبوع و بالضبط ليلة خطوبتها المزيفة عندما اقتحم آسر المكان و أخذها معه ...
Flash back
( توقف بالسيارة على جانب الطريق فنظرت له و صرخت بغضب :
- انت جايبني على فين رجعني بيتي و الا ...
- اعتقد سمعتي أخوكي وهو بيديلي الإذن عشان اجيبك معايا اهدي شويا و خلينا نتكلم لازم نحل الموضوع ده نهائي و نخلص منه.
اعقب كلامه خروجه من السيارة لتتبعه الأخرى و تهاجمه بشراسة :
-:
- بطل تستفزني و تلعب دور الضحي*ة انت فاكر نفسك مين عشان تجي بيتي و وعملي فضي*حة بين الجيران ها فاكر نفسك مين ؟!
-
لوى ثغره بسخرية غاضبة :
- الفض*يحة حصلت بسببك محدش قالك اتخطبي لواحد متجوز اتنين قبلك وانتي على ذمة راجل تاني غلطتي يا تقي و انا ماسك نفسي عليكي بالعافية متخلنيش افقد اعصابي و اروح ارفع عليكي قضية توديكي في دا*هية او اقتلك هنا ومحدش يعرف مكان جثت*ك فين.
اتسعت عيناها بصدمة من تهديه الصريح و لوهلة خشت ان ينفذ كلامه و يقت*لها حقا ، ربما هو اول رجل في العالم يرى زوجته تعقد خطوبتها على شخص آخر لذلك هو غا*ضب و عيناه تنضحان بالشر هكذا ، إحتكت أسنانها ببعضها تصدر صريرا منفعلا و قالت :
- فاكرني هخاف منك يالا شكلك ناسي انا مين و اخويا يقدر يعمل فيك ايه لو فكرت تلمسني !
انفلتت من آسر ضحكة ساخرة ليزداد انفعال تقي مكملة :
- وبعدين انا مش معترفة بالجواز ده انت فجأة بتظهر و فجأة تختفي و ترجع تظهر فحياتي تاني و بردو ترجع تختفي انا مش مضطرة أعيش على أطلال واحد زيك جبان ومش بتاع مسؤولية و .... و خا*ين !!
أمسكها من كتفيها و هزها بعن*ف صارخا :
- انا مش خا*ين فاهمة مخنتكيش بعدت عنك و عملت اللي عملته عصب رولا لعبت لعبة عليا و وهمتني إني مبجيبش ولاد ف....
قاطعته تقي ببرود :
- قمت انت قولت لا انا مش هظلم مراتي معايا و هخليها تكرهني و تبعد بنفسها و تقطع علاقتها بيا هعمل نفسي سكير و بتاع بنات وكل يوم اسهر لوش الصبح و اخر حاجة اجيب حبيبتي القديمة و اقعدها فب اوضتنا عشان لما تقي تجي و تشوف المنظر الصادم ده تطلب الطلاق و ترجع على بيت اهلها و اكمل انا حياتي مع رولا الجميلة صح كده ؟
فتح فمه ليتكلم ويدافع عن نفسه أمام كلماتها الساخرة المتهمة لكنه لم يجد ما يقوله ف التزم الصمت و أخفض عيناه بخزي بينما انفجرت تقي و رفعت يديها في الهواء زاجرة :
- مين اداك الحق تقرر حياتي عني ؟ مين اللي سمحلك تكسر قلبي و تدمر ثقتي في نفسي بحجة انك تساعدني ؟ امتى انا قولتلك لو مكنتش بتخلف هسيبك ها يا آسر رد عليا ! احنا وعدنا بعض نعيش سوا ع الحلوة و المرة عص*يت ربنا و أهلي و هربت معاك لبلد تانية و اتجوزتك بس كل ده مشفعليش عندك حضرتك فاكر لما تقولي الحقيقة هسامحك و ارجع معاك زي الاول كأن محصلش حاجة.
اندفع آسر يخبرها بإستماتة :
- بس مخنتك*يش .... ايوة غلطت لما فكرت بالطريقة الغبية ديه غلطت لما اتخليت عنك بس انا اكتر واحد كنت عارف قد ايه انتي عايزة ولاد محبتش احطملك حلمك فأنك تبقي أم و اخترت الو*جع و بعدت عشان تعيشي مع واحد بيقدر يديلك أطفال بس .... في اليوم اللي شوفتيني فيه مع رولا و سقطتي ساعتها انصدمت و قولت ازاي كانت حامل وانا مش بخلف اتنر*فزت و دخلت اوضتك ف المشفى اسألك ولما انتي قعدتي تصرخي و تطلبي الطلاق رميت عليكي اليمين من غير ما احسن.
سالت دموعها و سألته بصوت متحشرج :
- يعني شكيت فيا و افتكرت اني بخو*نك و الولد ده من واحد غيرك ؟
هز رأسه مسرعا و أجابها ملهفا :
- لا مشكيتش بس الصدمة كانت كبيرة عليا و معرفتش لازم اثق فمين ومن غضبي و عجزي طلقتك ولما هديت عملت التحاليل تاني و عرفت الحقيقة رجعتك لذمتي فورا و دورت عليكي كتير بس ملقيتكيش قلبت المدينة كلها و بردو مختفية .... عرفت انك اتصلتي بأهلك وقت كنت غايب و رجعتي مصر والله يا تقي سافرت وراكي و اتصلت ب اخوكي و وصلت لباب بيتك بس مروان شاف رولا معايا و رفض يخليني اتواصل معاكي شرحلي حالتك و قالي لو حاولت اكلمك هيقطعو علاقتهم بيكي وانا ..... انا مرضيتش ابعدك عن اهلك للمرة الثانية !!
إحمرت عيناه بفعل البكاء و شهق بلوعة حا*رقة :
- والله يا تقي انا محبيتش غيرك وجود رولا فحياتي كان عشان يعوض الوحدة اللي حسيت بيها بس منسيتكيش ولا لحظة كنت بشوف وشك فيها ولما عرفت الحقيقة كلها عملتلي مشاكل و قدرت احلها بالعافية و استنيت الوقت المناسب عشان اجي اشرحلك كل حاجة بس .... انصدمت النهارده لما عرفت انك هتتخطبي صدقيني كنت بجهز نفسي و بغير ديكور الشقة كلها عشان لما ترجعي معايا تلاقيها مختلفة انا منسيتكيش و متجاهلتش مشاعرك تقي انا بحبك !!
انتفضت ببكاء و أولته ظهرها وهي تغطي وجهها بكفيها ف احتضنها من الخلف و دفن رأسه في عنقها هامسا بصوت اختن*ق بالدمو*ع :
- سامحيني .... اديلي فرصة واحدة و بوعدك هصلح اللي اتكسر هرجع ثقتك فيا و ارجعلك ضحتك ارجوكي متسيبيش سنين تانية تضيع مننا انا بحبك و عارف انك كمان بتحبيني حطي ايدك في ايديا و اغفريلي الغلطة اللي عملتها في حقك عشان حبنا يا تقي ..... )
Back
تنهدت بعمق وهي تتطلع لجدران الغرفة المشتركة مع زوجها ، بعد تلك الليلة عادت معه و رغم انه لم يقترب منها إلا انه لم يظهر ضيقه و قابل الأمر بصدر رحب معللا ان علاقتهما تحتاج وقتا لتتصلح.
افاقت من شرودها على صوت طرقعة أصابع أمام وجهها انتفضت بخفة متسائلة :
- آسر انت جيت امتى ؟
إبتسم بمرح وهو يربع قدميه على الفراش :
- من لما كنتي بتبصي على الدبلة ف ايدك قوليلي وصلتي لفين بقى.
رسمت ابتسامة خفيفة لم تصل لعينيها و ردت :
- كنت بفكر في التغيرات اللي حصلت ف اخر اسبوع.
اومأ بتفهم و أمسك يديها مقبلا اياهما بعمق :
- بوعدك يا حبيبتي علاقتنا ترجع زي الاول و احسن بصي انا غيرت من نفسي و بطلت تد*خين و خمر*ه و التزمت في الصلاة و ركزت في شغلي و الأهم من ده كله اني عرفت قيمتك اسمحيلي ادخل لقلبك تاني و اكسر الحاجز اللي بينا !
أخفضت تقي عينيها ولم تجبه فتنهد بصبر و أردف :
- هستناكي يا تقي هستنى الوقت اللي ترجعلي حبيبتي فيه و متأكد ان اليوم ده قريب بإذن الله هنرجع أحسن من الاول.
طالعته بنظرات ممتنة و تمتمت :
- شكرا.
رن هاتفها مجددا فضحك آسر يحاول تغيير مجرى الحوار :
- مين الرخم اللي بقاله ساعة بيرن عليكي ده اوعى يكون اخوكي ها.
انفلتت ضحكة صغيرة منها مرددة :
- ديه واحدة زميلتي في الشغل بتتصل عشان اروحلها و نكمل التصميم اللي بدأنا فيه من فترة.
توقعت ان يبدي اعتراضا لكن بالعكس نهض و هتف بنشاط :
- طيب يلا قومي جهزي نفسك عشان نفطر و اخدك في طريقي لمكان شغلك.
فتح رف خزانته و أخرج ملابسه و نظراتها المندهشة تلاحقه فزفر آسر بقلة صبر :
- هتفضلي باصة عليا كده كتير قومي عشان منتأخرش انا كمان عندي شغل النهارده !!
تنحنحت تقي و انتصبت واقفة :
- طيب طيب هلبس فورا متزوقش كده.
إبتسم و قبلها على غفلة منها و دخل الى الحمام بينما هي تتابعه بعينيها الحالمتان لحياة جديدة ....
________________________
غابت الشمس عن سماء الإسكندرية و إلتحفت بالسو*اد معلنة عن انتهاء اليوم بخيره و شره.
بقيت واقفة في شرفة غرفتها تراقب المنزل من الأعلى و عيناها معلقتان على البوابة الكبيرة تنتظر قدومه ، سعلت قليلا وهي تعيد الوشاح الثقيل على كتفيها و هتفت مغتاظة :
- يعني كده يا ادم بتتأخر قصدا لأنك عارف اني مبحبش اقعد لوحدي في البيت فاكر نفسك كده بتعاقبني و بتبتزني عشان اوافق على كلامك ماشي.
تحفزت فجأة عند سماعها لصوت احتكاك العجلات في الأرض فأغلقت باب الشرفة و دلفت الى غرفتها ولم تلبث دقائق حتى سمعت صوت فتح الباب.
كتفت يديها بضيق و طالعته لينظر لها ادم ببرود :
- في ايه بتبصيلي كده ليه ؟
تفاجأت من رد فعله و قالت :
- احنا مكملناش كلامنا و لسه موصلناش ل إتفاق .... انا عايزة ارجع ع جامعتي وانت عايز تقعدني في البيت لازم نوصل لنقطة مشتركة عشان نعرف نتفاهم و لعلمك بقى مش هخضعلك و اوافق اضيع سنين حياتي من غير دراسة.
وضع ادم الهاتف و مفاتيح سيارته على الكوميدينو و ادخل يده بجيب بنطاله مستهزئا :
- ومين قالك هقعدك طول عمرك في البيت ؟ انا بقولك لحد ما تولدي و بنتنا تكبر شويا ساعتها تقدري تكملي كليتك اعتقد اني مطلبتش المستحيل.
هزت يارا رأسها بدهشة من جموده و هتفت بشيء من الانفعال :
- ادم خلينا نكون صريحين مع بعض قولي ايه السبب اللي يخليك تطلب مني الغي السنة ديه ... بص انا عارفة كويس ان حججك بتاعت الصبح مش حقيقية ياريت تبطل غموضك و تشرحلي وجهة نظرك !
مرر يده على وجهه يزفر بسخط وهو يود تهشي*م رأس المرأة التي تقف أمامه بسبب عنادها الذي لا ينتهي ، انه يرفض خروجها من المنزل خو*فا من تعرضها لنو*بات أخرى وهو غير موجود معها إضافة لإمكانية تعرضها للأذ*ى من عمها مجددا لن يستغرب اذا أرسل لها شابا آخر يخيفها و يتحر*ش بها او لا سمح الله خطط ليعرضها الى حا*دث سيارة يخ*سرها فيه هي وطفلته و بعد معرفته بأن علي يتعامل مع رجال عصا*بات ازداد ر*عبه عليها لذلك هو يمنعها من الخروج هذه الفترة و متى يتم إلقاء القبض على عمه و إبنه ولا يريد إخبارها بما يفكر به لكي لا يكشف الأسرار و يرعبها ...
افاق من تفكيره على صوت يارا :
- ااادم انا بكلمك متتجاهلنيش كده عشان بدأت ازهق.
تنفس بحدة و اقترب منها خطوة جعلتها تعود للخلف بسرعة :
- و انا قولتلك السنة ديه ملغية اقعدي في بيتك و اهتمي بنفسك و بالبيبي اللي فبطنك و كفاية كده اظن اي ست مكانها الطبيعي في بيت جوزها مش الجامعة ولا انتي بتفضلي دراستك على جوزك ؟
فتحت فمها لتصرخ به لكنها تراجعت في آخر لحظة و تنهدت محاولة الهدوء :
- مفيش حاجة بفضلها عليك و على بنتنا بس دراستي كمان مهمة ، ادم انا عمري ما هقبل اضيع سنة من حياتي عشان حضرتك مقتنع بفكرة الست ملهاش غير جوزها و مش عايز حد يشوف جسمي الملفت انا مستحيل اتخلى عن الجامعة و مش هرضخلك يا ادم يكون في علمك.
رغم انه خائف عليها إلا ان كلامها الواثق و المتحدي أشعل فتيلة العناد لديه فرفع حاجبه و انحنى عليها يهمس :
- وانا بوعدك كلامي اللي هيتنفذ و مادام خدت القرار مفيش حد يقدر يغيره ولو عايزة تستقوي ب جدك او أهلي موافق معنديش مشكلة اسأليهم ايه رايهم ف وجهة نظري و نشوف مين اللي معاه حق.
- ده آخر كلام عندك ؟
- آخر كلام !
قالها بخشونة و استدار ليدخل الى الحمام لكنه توقف مستطردا :
- و اه ديه آخر مرة اشوفك واقفة ف البلكونة من غير طرحة على راسك ياريت مشوفش المنظر اللي شوفته وانا داخل.
اتسعت عيناها بذهول من كلامه و سرعان ما إشتد فكها بعصبية :
- اد*فني يا ادم اد*فني و اخن*قني عشان ترتاح ماشي !!
بعد نصف ساعة خرج ادم وهو يجفف شعره المبتل من الحمام القصير الذي أخذه ، نظر الى الساعة ثم عقد حاجبيه بضيق :
- معقول انا اتأخرت كل ده اكيد يارا خا*فت وهي قاعدة لوحدها مستنياني.
أكمل تنشيف شعره و نزل الى الأسفل ليجد يارا جالسة على طاولة الطعام و تسند جانب وجهها على كف يدها و تهز قدميها بعص*بية ، كتم إبتسامته و جلس الى جانبها يتحدث :
- عملتي ايه في غيابي ؟
رمقته بنظرة ساخرة و اجابته :
- مفيش لغيت مواعيدي مع صحبتي و كلمتها و قولتلها مش تقدر اجي النهارده و قضيت اليوم بطوله مستنياك تشرف بس حضرتك معندكش وقت ليا.
تجاهل ادم القسم الثاني من كلامها و ركز على أول ما قالته :
- مين صحبتك اللي كلمتيها ديه ؟ اوعى تكون نفسها اللي خرجتي معاها من كام شهر و اتأخرتي و ملقتيش مواصلات و ف الاخر هي مشيت و سابتك واقفة في الطريق لوحدك ؟
تفاجأت من تركيزه على رفيقتها " فرح " و تذكره لتفاصيل تلك الحا*دثة فقالت :
- ايوة هي ليه ؟
حدجها ادم بنظرات ضيقة مغمغما :
- البنت ديه انا مرتحتلهاش هبقى مبسوط لو متعاملتيش معاها تاني.
فغرت فاها مدهوشة لكن حوادث اليوم كانت كافية حد التخمة لذلك لم تشأ ان تضيع جهدها في الكلام معه :
- أمرك يا حبيبي ايه رايك لو اتكرمت عليا و قولتلي اصاحب مين و مصاحبش مين وهو بالمرة استفيد من خبرتك.
تجاهل نبرتها التهكمية ووضع الشوكة من يده مردفا بجدية :
- انا فعلا هختارلك صحابك و اختارلك لبسك و اعلمك تتكلمي ازاي مع جوزك يا محترمة للاسف انا عندي شغل دلوقتي بس هفضالك قريبا متقلقيش.
انتصب واقفا و ذهب الى غرفة مكتبه غير مكترث بالنير*ان التي تشتعل داخل يارا ... جزت على أسنانها متذكرة حديث صديقتها وكلامها عن عدم سماحها لزوجها بأن يلغي وجودها و يقرر ما يخصها فنهضت هي ايضا هامسة :
- انت اللي جبرتني يا ادم.
بعد ساعات.
انهى أعماله العالقة و دلك رقبته وهو ينظر الى الساعة ... اصبحت الثانية عشر بعد منتصف الليل و مؤكد ان زوجته ذهبت في سبات عميق بعد أخذ دوائها ، زفر ادم بإرهاق و صعد بخطوات مثقلة الى غرفتهما لكن وجهه انقبض عند رؤية المكان فارغ حتى الحمام لا يوجد أحد به ..... اين ذهبت يارا ؟
خرج الى الشرفة و نزل الى المطبخ ولم يجدها ايضا فكر انها قد غض*بت لدرجة ذهابها لمنزل والده تشتكيه و كاد يخرج هو ايضا لولا أنه أبصر الضوء يصدر من غرفة في آخر الرواق ، قبض ادم على يديه و اتجه بخطوات سريعة الى الغرفة ليدخل صارخا :
- ممكن افهم انتي بتعملي ايه هنا ؟
انتفضت يارا من شكله و اعتدلت واقفة بتوتر حاولت اخفاءه :
- انا هنام هنا الليلة ديه و باقي الليالي لحد ما تحط عقلك في راسك و تفهم ان مينفعش تقرر عني.
رمقها من الأعلى للأسفل بإستنكار هاتفا :
- لا والله بتصرفك ده هتعلميني يعني ؟ تعالي يا يارا نطلع ننام قبل ما افقد اعصابي و اعمل حاجة اندم عليها بعدين انا مش مراهق ولا شاب صغير عشان استحمل دلعك ده و اسايرك امشي معايا.
أمسك يدها يسحبها لكن يارا أفلتتها و صر*خت بحدة :
- قولتلك انا مش هجي معاك لمكان و بكره هتصل بجدي يجي يشوف حل معاك لأنك بقيت لا تطاق يا ادم ومحدش قادر يستحملك !!
اندهش من هجو*مها العني*ف و تسارعت أنفاسه الغا*ضبة لكنه حاول قدر الإمكان السيطرة على نفسه و عدم الإ*نفعال على هذه الصغيرة الغبية الآن ، بلل شفتيه و غمغم بصلابة :
- بما اني لا أطاق ومحدش قادر يستحملني هقولك لآخر مرة تعالي معايا و بطلي تصرفات العيال ديه و الا هحققلك كلامك و اعمل حاجات تخليكي متقدريش تبصي في وشي.
انتبهت لكلماته الغامضة و حاولت تفسيرها لكنها لم تستطع فرفعت حاجبيها معا و هزت كتفها تردف بثقة :
- انا قررت انزل البلد بكره و اقعد اسبوع اريح نفسي لحد ما ترجع انت في قرارك يا ادم ... و لحد ما يجي اليوم ده مش هنام معاك في نفس الاوضة ولا هسمحلك تشوف وشي !!
تعليقات
إرسال تعليق