الصدمة الحقيقية التي قسمت ظهر البعير كانت عندما اقترب منهما مروان مغمغما في ثبات :
- انتو معت*قلين بتهمة الا*ختلاس و تز*وير الحسابات و العمل مع منظمة إجر*امية و التخطيط لقت*ل محمد مجدي و ادم الشافعي و .... قت*ل احمد الشافعي !!
******* في الإسكندرية.
ترجل من سيارته متجها لمنزله حتى رن هاتفه وكان من مدير الجامعة الذي أكد له انه تم تسجيل يارا و قبول أوراقها رغم تأخرها عن تقديمها ، إبتسم ادم برضا و اغلق الخط محدثا نفسه :
- بما ان الأميرة المدللة معندة و منشفة دماغها ومش راضية تكلمني خلينا ننفذ طلبها كده كده مش هخلي الحرس يفارقها.
ادار المفتاح في القفل و دفع الباب بهدوء ليستغرب من رؤية الفيلا هادئة ، انعقد حاجباه و كاد يناديها لكن رن هاتفه اوقفه ففتح الخط :
- ايوة يا ادهم.
- انت فين ؟
قالها بجدية فرد عليه ادم :
- لسه داخل البيت ليه في حاجة ؟
سمع تنهيدته المتحشرجة و أتبعه قوله :
- عرفنا ان عمر بعت كام قا*طع طريق يتعرضولك و يقت*لوك بس الحمد لله مادامك بتكلمني يبقى هما ملحقوش يعملولك حاجة اوعى تخرج من البيت يا ادم بص كل حاجة هتنتهي الليلة ديه المشاكل و الأسرار كلها هتتكشف متعرضش حياتك للخط*ر سامعني ؟
تشنج وجهه نفور و كره مجيبا :
- بعت كلا*به عشان يقت*لني يعني ... انا مستغربتش ليه يا ترى.
زفر ادهم بحدة :
- بطل برودة اعصابك ديه و اتأكد من ان اهلك كلهم موجودين محدش يطلع قبل ما الليلة ديه تخلص اسمع الكلام شكل عمر قرر يضر*ب ضر*بته الأخيرة قبل ما جماعته تخلص عليه ...
لم يستمع لبقية كلامه و اتصل بوالديه ورهف يتأكد انهم داخل المنزل و عند إطمئنانه صعد درجات السلم مرددا بصوت عال :
- ياااراا.
دخل الغرفة و وزع بصره على ارجائها يبحث عنها ولم يجدها تجهم وجهه و ناداها مجددا ربما تكون في الحمام و النتيجة واحدة .... يارا ليست هنا !
بدأت أنفاسه تتعالى بإنفعال و حاول الهدوء مقنعا نفسه انها مع والدته ولم تنفذ كلامها له صباحا عندما قالت متحدية " لو فضلت حا*بسني كده هتجي و تلاقيني مشيت ومش هتعرف تلاقيني " ، طلب رقم حنان و بمجرد ان ردت هب يسألها :
- يارا معاكي يا ماما ؟
وصلته إجابتها المتعجبة :
- لا هي قالت انها خارجة مع صحابها من كام ساعة كده.
تجمدت يده على الهاتف و أحس بغشا*وة تغطي عينيه و تمنعه عن الرؤية عند معرفة ان زوجته خارج المنزل في هذه الساعة المتأخرة و في نفس الوقت الذي بعث فيه ذلك الحقير رجالا ليقت*لوه !! رفع رأسه للأعلى و تنفس بعمق قبل ان يطلب رقمها رن عدة مرات لكنها لم تجب فأطلق شتيمة و بعث لها رسالة " وربي لو مردتيش لأخلي ل*يلتك سو*دا على دماغك يا يارا "
انتظر نصف دقيقة و أعاد الإتصال ليسمع صوتها بعد ثوان :
- نعم.
جز على أسنانه و صر*خ بحدة :
- انتي عايزة تجننيني بتخرجي من البيت مع اني رفضت و لسه مرجعتيش لحد دلوقتي يا متر*بية يا مح*ترمة ده انا هند*مك على الساعة اللي فكرتي تخطي خطوة برا البيت و الله لأ*كسرلك رج....
قاطعته يارا وقد ار*تجفت من نبرة صوته :
- في ايه لكل ده انا بعتلك ميسيج و ....
صرخ ادم وقد احمرت عيناه بشدة ف نزل بخطوات مسرعة يستعد للخروج :
- شوفت *** الميسيج ده وانا مردتش يعني رفضت انتي مبتسمعيش أ*م الكلام لييييه ! انتي فين قوليلي هجيلك بنفسي.
بلعت ريقها و تلعثمت مجيبة :
- ممم مفيش داعي انا جاية اصلا هاخد تاكسي.
إحمر وجهه فهدر بعن*ف أهوج :
- بقولك انتي فين انطقي متجننيش !!
زاغت حدقتاها بخوف و أملته العنوان ليغلق الخط وهو يصيح بغضب تلك الفتاة لن تتوانى عن جعله يظهر نزعته الإجر*امية لن تهدأ قبل ان تتسبب في مقت*له او إرتكاب جر*يمة قت*ل .... و في كلتا الحالتين هو مستعد للتعرض للأ*ذى في سبيل ان تكون زوجته بخير !!
ركب سيارته و إنطلق بها في سرعة جنونية يدعو الله ان لا يحدث لها سوء و تظل بأمان هي و طفلتهما ، رن هاتفه بإسم ادهم و فتح الخط ليسمع صوت الآخر يغمغم في سخط :
- بتقفل الخط في وشي ليه مش قولتلك ....
- انا برا البيت رايح اجيب يارا لسه عارف انها طلعت مع صحابها وهروحلها.
قاطعه بغضب فصمت ابن عمه يستوعب كلامه قبل ان ينتفض و يصرخ بجنون :
- نعم انت بتقول ايه طلعت ليه انا قولتلك عمر عايز يقت*لك محدش عايز حاجة من مراتك وبعدين المفروض الحرس يكون ....
زفر ادم بصراخ هو الآخر :
-- اديت الحرس إجازة لأني مكنتش عارف انها هتخرج ده اولا و ثانيا انا مش هطمن و اقعد في البيت استنى امتى مراتي تدخل مش بعيد عمر يسلط عليها ناس يؤذ*وها و....
صمت يعجز عن إكمال جملته و خيالاته تصور له أسو*ء للسيناريوهات التي تخص حبيبته ، فتح أول زرين من قميصه غير مبال بكلام ادهم المتعصب :
- انت مبتفهمش الكلام ليه الخطر دلوقتي عليك مش على مراتك اكيد عمر مش هيأذيها عشان ...
- عشان بيحبها صح.
هتف بها ادم وقد توحشت ملامح وجهه و أكمل :
- ال**** بيحب مراتي وط*معان فيها ومع ذلك بعتلها شاب يدخلها عربيته و اتفق مع ابوه يغيرولها العلاج و خلوها مدمنة بلاش نضحك على بعض احنا الاتنين بنعرف ان الند*ل الوا*طي مبيهموش حد و مستعد يعمل أي حاجة حتى انه يتعرض لعيلتي عشان يؤ*ذيني و لأنك عارف الحقيقة ده انت قولتلي اتأكد من وجودهم في البيت و محدش منكو يطلع لبرا بس .....
ابتسم ساخرا يحدث نفسه :
- انا مراتي اللي مكنتش تتجرأ ترفع عينيها في وشي بقت تعصي اوامري و متسمعش كلامي و بغبا*ءها ده هتتسبب فمو*تنا كلنا.
أغلق الخط لكي لا يسمع تحذيرات إبن عمه الذي يخبره ببساطة ان حياته في خطر و يجب عليه الاختباء و عدم البحث عن زوجته التي خرجت دون علمه و سيتكلف هو وعناصر الشر*طة بحمايتها .... زاد السرعة أكثر لتظهر فجأة شاحنة كبيرة قطعت طريقه و كادت تصدمه ف انحدر الى أقصى اليمين و لولا د*عسه على الفرامل في آخر لحظة لكان اصطدم في إحدى الأشجار الواقفة بشموخ على طرف الطريق الموجود داخل ذلك الشارع المعزول.
ظهرت سيارتان تحاصرانه ف احت*د فكه و ضرب المقود بقو*ة يبحث عن سلا*حه و لسوء الحظ كان قد نسيه في غرفة مكتبه ولم يحضره ، إبتسم بسخرية مدركا انه من الممكن أن يخسر اليوم حياته لكن رغم ذلك فهو يفضل المو*ت كالرجال على ان يبدي إستسلامه لهم ....
فتح باب السيارة و خرج بهدوء يوزع نظره الحا*د على كل ما يوجد أمامه ، ليعقد حاجبيه عندما تراءى له 4 رجال ذو بنية ضخمة يطالعونه بش*ر و أحدهم يمسك في يده هرا*وة وباليد الأخرى شفر*ة حاد*ة ظهر لمعانها و انعكس على عينيه فتلونتا بالعد*ائية هادرا بخشونة :
- لو إحساسي مكدبنيش ف انتو كلا*ب عمر و بعتكم عشان تنالو شرف قت*لي.
ضحكة مجردة من الإنسانية صدرت من قائدهم الذي ردد :
- الباشا كان معاه حق لما حكالنا على غرورك حتى فأصعب المواقف بس بنصحك توفره للحظة اللي تركعلنا فيها و تتذ*لل عشان تفضل عايش.
قهقه ادم برعونة و لهو :
- احلف طيب ! اكيد الباشا تاعكو قالكم ان ادم الشافعي مستحيل يتذ*لل لحد خاصة لو كان الواحد ده معندوش ريحة الر*جولة ... زيكو يعني.
جز الرجل الملثم على اسنانه و صر*خ بغضب :
- اضر*بوه متخلوش فيه حته سليمة !
و على حين غرة وجد نفسه في كمين غادر ، وحيدا في مواجهة 10 رجال أشداء بعدما خرج ستة آخرون من ظلمة الزقاق !
اشتعلت عيناه بتجلد و تأهبت حواسه استعدادا عندما تقدم أولهم يريد التهجم عليه فثبت ادم ذراعه و رفع قدمه ير*كله في بطنه ثم أمسكه من مقدمة رأسه و ضر*به على ز*جاج نافذة السيارة ليسقط الأخير يتلوى أ*لما .... حتى وان خ*سر يقسم على انه سي*خسر رجلا !!
التفتت ادم الى البقية هاتفا :
- ده بس اللي عندكو حتى ضر*بة زي الناس مبتعرفوش تضر*بوها ؟
تقدم المها*جم الثاني ليرفع قبضته و يلكمه وقبل ان يسدد له اللك*مة الثانية انصدم عندما فتح قائدهم هاتفه على مقطع فيديو مباشر ظهرت فيه يارا وهي تقف تنتظره في المكان الذي إتفقا عليه ، تسمر جسده و أحس بالد*ماء تهرب منه وهو يفهم التهد*يد الصامت الذي لم يعد كذلك عندما قال الآخر بخبث :
- اتنين من رجالي واقفين حاليا قدام مراتك ولو متصلتش بيهم بعد 10 دقايق هيقت*لوها .... ولو اتصلت و قولتلهم احنا أنجزنا المهمة هيسيبوها و يمشو ايه رايك حياتك او حيا*ة مراتك القرار ليك.
- يا ابن ال....
صاح ادم وهو يقترب منه ينوي ضر*به لكنه وجد نفسه مقيدا بسواعد من حديد ثم رأى هرا*وة ترتفع لتلامس عنان السماء لتهوي فوق رأسه بعن*ف أرداه على الأرض ..... لم يصر*خ لم يشت*م او حتى يحاول النهوض ف الأمر جدي اذا لم يقت*لوه سيقتلون زوجته و أم طفلته .... معادلة حلها واضح و مجهولها حياته !!
أظلمت عيناه و شعر بخيوط الد*ماء اللزجة تسيل من أعلى رأسه و تهبط على قميصه و الأخرى تستقبلها الأرض برحابة صدر ولم يكفي هذا فقط بل انحنى عليه مها*جم آخر و سدد له ط*عنة قوية بمنتصف صدره جعلته يصر*خ بوهن و ضعف ، لقد حانت نها*يته !
ثبته إثنان من خلفه فبقي راكعا على ركبتيه و الدنيا تعصف و تدور به حتى قابله قائدهم مغمغما في ابتسامة قذرة :
- الباشا حكالنا على مدى حبك لمراتك و وصانا لو مقدرناش عليك نروح نقتلها بس انت أنقذتها .... الصراحة لو مكنتش طلعت من البيت عشان تروح ترجعها كنا قت*لناها هي !
لم يرد عليه و اكتفى بإغماض عينيه و تخيل صورتها لعلها تكون المؤنسة له أثناء صعود روحه و تحررها من جسده ، اقترب الملثم و همس عند أذنه :
- و ديه عربون من عندنا.
طعنه بالشفرة الحادة في بطنه و دفعه و غادر هو ورفاقه .... ليبقى ادم يترجع مرارة المو*ت بهذه الطريقة ، ثم رآها ... انبثق له خيالها بالنور من بين الظ*لمات ، تناظره نائحة منتحبة وتركض له دون ان تصل ، عندها فقط تذوق معاني الردى الحنظلية ، و خمدت شجاعته فهمس بلوعة :
- يارا ...
مرت الدقائق ، و قطع الصمت الم*خيف صوت الهاتف الذي رن للمرة الألف لحد الآن ، حرك ادم يده و بذل في ذلك جهدا جبارا فسمع صوتها الأقرب الى قلبه يردد بعبوس :
- انا استنيتك كتير بس مجتش خفت اقف لوحدي قمت خدت تاكسي و توصل بعد كام دقيقة اهو عشان متتنرفزش عليا بعدين وتقول اني .....
- يارا ...
همسة خافتة متقطعة صدرت منه وهو يشهق ساحبا الأنفاس قدر المستطاع ، أجفلت الأخرى و سألته بترقب :
- انت بتتكلم كده ليه في ايه مالك ؟
في خضم صراعه ليعيش دقائق أخرى ابتسم بألم و حمد لله لأنها بخير ثم تمتم :
- انا ... انا اتعرضت لهجو*م و...
انتفضت يارا بحدة و صر*خت :
- انت بتقول ايه هجو*م ااا انت بتكدب و بتقول كده عشان تخوفني عليك ادم انا مممم مبحبش الهزار ده رد عليا انت فين انا جايالك.
تأوه بعنف و أجابها وقد بدأ يفقد الو*عي :
- اول مرة لما عملت الحا*دث ... تاني مرة اتضر*بت بالنا*ر ... و الثالثة ثابتة ... اا انا ... مش هطلع عا*يش ...
خيل لها انها تتوهم او تتعرض لنو*بة هستير*ية أخرى فهزت رأسها بجنو*ن مهمهمة :
- لا لا انت مش هتسيبني انت وعدتني تفضل جمبي دايما ااا ادم ارجع ارجوك وانا بوعدك مش هقول لأ على اي حاجة هسمع كلامك والله العظيم هسمع بس انت ....
- مفيش وقت.
قاطعها ادم بشجن و تابع :
- عايزك تعرفي اني .... عملت كل ده عشان .... مصلحتك و ...عشان احميكي انتي .... انتي و بنتنا .... يارا انا .... انا ....
- اااادم .... ادم متسكتش ارجوك ادم رد عليا اااادم !!
لكنه لم يجب ، همد جسده القابع على الأرض ليتخذ من السماء لحافا ، فوق براعم الشجر التي تطايرت بفعل الرياح و سكنت بجانبه تنعي حد*ادا عليه و أحراش الغار الحمراء والتي ازدادت احمرارا بسيل الد*ماء ، على طريق باردة مغزولة بحشرجاته وهو يلف*ظ أنفاسه الأخيرة التي تناهت مع نسمات المغرب الباردة فزادته شجنا و مر*ارة لونت همسته الأخيرة :
- يارا
تعليقات
إرسال تعليق